يأكل الجذعة ويشرب الفرق » (١)، وأراد عليهالسلام بإعداد قليل من الطعام والشراب لجماعتهم إظهار الآية لهم في شبعهم وريِّهم ممَّا كان لا يشبع الواحد منهم ولا يرويه (٢).
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي ؟ » قالوا : بلى، أنت عندنا غير متهم، وما جرَّبنا عليك كذباً، فقال : « أني نذير لكم من بين يدي عذاب شديد » فقطع كلامه عمه أبو لهب، وقال : تباً لك! ألهذا جمعتنا؟! ثم عاد فجمعهم ثانية، فأعاد أبو لهب مثل قولته الاولى، فتفرّقوا، فأنزل الله تعالى عليه ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) (٣) الى آخر السورة المباركة.
ثم جمعهم مرَّةً أُخرىٰ ليكلِّمهم، وفيهم أعمامه : أبو طالب والحمزة والعبَّاس وأبو لهب، وغيرهم من أعمامه وبني عمومته، فأحضر عليٌّ عليهالسلام لهم الطعام ووضعه بين أيديهم، وكان بإمكان الرجل الواحد أن يأكله بكامله، فتهامسوا وتبادلوا النظرات الساخرة من تلك المائدة التي لا تقوم حسب العادة لأكثر من رجلين أو ثلاثة رجال، ثم مدُّوا أيديهم إليها وجعلوا يأكلون، ولا يبدو عليها النقص حتَّىٰ شبعوا، وبقي من الطعام ما يكفي لغيرهم.
فلمَّا أكلوا وشربوا قال لهم النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا بني عبدالمطَّلب، والله
_______________________
١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٧.
٢) الإرشاد ١ : ٤٩.
٣) سورة المسد : ١.