ما أعلم شابَّاً في العرب جاء قومه بأفضل ممَّا جئتكم به، إنِّي جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالىٰ أن أدعوكم إليه » ثمَّ عرض عليهم أصول الإسلام وقال : « فأيُّكم يؤازرني علىٰ هذا الأمر، علىٰ أن يكون أخي ووصيِّي، وخليفتي فيكم من بعدي »؟.
فلم يجب أحد منهم، فأعاد عليهم الحديث ثانياً وثالثاً، وفي كلِّ مرَّةٍ لا يجيبه أحد غير عليٍّ عليهالسلام، قال عليٌّ : ـ والرواية عنه ـ « فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت ـ وأنا لأحدثهم سناً ـ : أنا يا نبيَّ الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي، ثُمَّ قال : إنَّ هذا أخي، ووصيِّي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا ».
قال : « فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع » (١). فقال أبو لهب : خذوا علىٰ يَدَي صاحبكم قبل أن يأخذ علىٰ يده غيركم، فإن منعتموه قُتلتم، وإن تركتموه ذللتم.
فقال أبو طالب : يا عورة، والله لننصرنَّه ثُمَّ لنعيننَّه، يا ابن أخي إذا أردت أن تدعو إلىٰ ربِّك فأعلمنا حتَّىٰ نخرج معك بالسلاح (٢).
ومن بين جميع الأهل والأقارب كان محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم شديد الحزن والمرارة، فقد كان وحيداً، وكان يتمنَّىٰ مناصرة قومه له علىٰ قوىٰ الشرك المدجَّجة بالمال والسلاح، لكنَّ عليَّاً عليهالسلام كان قوماً له رغم صغر سنه،
_______________________
١) تاريخ الطبري ٢ : ٢١٧، معالم التنزيل في التفسير والتأويل / البغوي ٤ : ٢٧٨، الكامل في التاريخ ١ : ٥٨٦، الترجمة من تاريخ ابن عساكر ١ : ١٠٠ / ١٣٧ و١٣٨ و١٣٩، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل / الحاكم الحسكاني الحنفي ـ تحقيق محمَّد باقر المحمودي ـ مؤسسة الأعلمي بيروت ١ : ٣٧٢ ـ ٣٧٣ / ٥١٤ و٤٢٠ / ٥٨٠، كنز العمَّال ١٣ : ١٣١ / ٣٦٤٦٩.
٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٧ ـ ٢٨.