فسمعها رجل من المهاجرين، فأعلم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : « اليوم يوم المرحمة، اليوم تحمىٰ الحرمة » لعليِّ بن أبي طالب : « أدركه فخذ الراية منه، وكن أنت الذي تدخل بها » (١).
ومضىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقطع الطريق باتجاه مكَّة ودخلها عنوةً بهذا الجيش الهائل، الذي لم تعرف له مكَّة نظيراً في تاريخها من قبل، وأعلن العفو وهو علىٰ أبواب مكَّة، وقال لهم : « اذهبوا فأنتم الطلقاء ».
وأباح دم ستة رجال، ولو كانوا متعلِّقين بأستار الكعبة، وأربع نسوة، هم : عكرمة بن أبي جهل، وهبار بن الأسود، وعبدالله بن سعد بن أبي سرح، ومِقيس بن صُبابة الليثي، والحويرث بن نُقيذ، وعبدالله بن هلال بن خطل الادرمي، وهند بنت عتبة، وسارة مولاة عمرو بن هاشم، وقينتان كانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
فمضىٰ عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام يجدُّ في طلب أولئك الذين أهدر النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دماءهم فقتل منهم اثنين هم : الحويرث بن نقيذ، وسارة.
وأجارت أمُّ هانئ بنت أبي طالب حموين لها : الحارث بن هشام، وعبدالله بن ربيعة، فأراد عليٌّ عليهالسلام قتلهما. فقال رسول الله : « يا عليُّ قد أجرنا من أجارت أمُّ هانئ » (٣) وتفرّق الباقون، ثم وفد بعضهم على النبي بعد أن أخذ الأمان.
ولم يترك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صنماً داخل الكعبة وخارجها إلَّا وحطَّمه
_______________________
١) إعلام الورىٰ ١ : ٣٨٥، وانظر ابن الأثير / الكامل في التاريخ ٢ : ١٢٢.
٢) طبقات ابن سعد ٢ : ١٠٣، وانظر الكامل في التاريخ ٢ : ١٢٣، وفيه ثمانية رجال وأربع نسوة.
٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٩، وانظر الطبقات لابن سعد ٢ : ١١٠.