فتناولتُ في الفصل الأول من هذه الدراسة رواة حديث (الخلفاء الإثني عشر) في مصادر مدرسة الصحابة ، لنجد أنَّهم بلغوا خمسة عشر صحابيّاً ، من خلال عشرات الطرق المتنوعة ، الأمر الذي يجعلنا نطمئن ، بل ونقطع بصحة صدوره عن النبي الخاتَم (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ).
ونظراً لتعدد أبعاد الحديث ، وسعة دلالاته ، وتكرره بخصوصيات وحيثيات متنوعة ، فقد دعت الضرورة لأن نفرد الفصل الثاني لإستعراض هياكله وقوالبه اللفظية ، ونعنون كلّ طائفة متشابهة من الروايات بعنوان خاص ، ليتسنى لنا الرجوع إليها عند تحليل الحديث ، وبيان دلالاته.
وهذا هو ما خصصنا له فصلاً جوهرياً وهو الفصل الثالث من هذه الدراسة ، حيث يتمّ هنا البحث في القواسم المشتركة بين روايات حديث (الخلفاء الإثني عشر) المتنوعة ، لكي نجد لها المصاديق الحقيقية القابلة للإنطباق عليها ، ونبعدها عمّا لا يمكن أن يكون مورداً لها ، من خلال دراسة القيود الدخيلة في تحديد هوية هؤلاء الخلفاء ، والمميزة لهم عن الآخرين بما لا يطرأ عليه الجدل والنقاش ، وبما يقطع التأويلات والإنتحالات.
وفي الفصل الرابع نتناول سبب غياب أسماء
الخلفاء في (الصحاح) ، على الرغم من إقرارها بعددهم ، وخصوصياتهم ، لنقف على حقائق مريرة تتعلق بمنع تدوين الأحاديث المتعلقة بهؤلاء الخلفاء ، وكتمان الكثير منها ، لأسباب تبدأ جذوتها إلى اللحظات الأولى لرحيل رسول الله (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)
، مما مهَّد السبيل إلى السياسات الظالمة التي استلمت زمام الحكم الإسلامي إلى تغييب أسماء هؤلاء الخلفاء الذين كانوا يعاكسون هذه السياسات القمعية الظالمة ، ويجاهرونها بالتحدّي ، قولاً