الأباطيل والإتهامات ، فراراً مما وقع فيه من المآزق والمؤاخذات ، حتى وصلت بي المناظرة معه إلى حديث (الخلفاء الإثني عشر) ، فأنكره ، واستغربه ، وأصَّر على أنّي قد اختلقتُه من مصادرنا الخاصَّة ، التي هي بوجهة نظره لا يوجد فيها حرف صحيح.
فالصحيح في وجهة نظره هو ما رواه (البخاري) و (مسلم) فحسب ، وكان هذا الإقرار منه كافياً لي أمام الحاضرين في أن أطلب منه أن يناولني (البخاري) من على جانبه ، وكم كانت دهشتي ودهشة الحاضرين في المناظرة عظيمة وجليلة عندما فتحتُ المجلّد الثامن وإذا بي وجهاً لوجه أما الصفحة التي رويَ فيها الحديث في كتاب الأحكام عن الصحابي (جابر بن سمرة) ، فقرأت عليه نصَّ الحديث بصوت يسمعه الجميع ، فما كان منه إلّا أن لاذ بصمت مطبق عميق.
لقد كان هذا البحث الذي دوَّنته قبل سنتين من تأريخ المناظرة كافيّاً لي لأن أورد أمام جميع الحاظرين ومن بينهم المناظر (الوهابي) صحة صدوره ، وقوة سنده ، وتنوع مداليله ، وتعدد نصوصه ، بما لا يقبل الشك والإرتياب في إنطباقه على أئمة الهدى ، وسفن النجاة الإثني عشر بدءاً بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَليهِ السَّلامُ) وانتهاءاً بالإمام المنتظر محمد المهدي (عَليهِ السَّلامُ) على طبق معتقد الإمامية الإثني عشريَّة.
وبما أنَّ هذا الحديث الشريف يمثّل منعطفاً خطيراً في طريق العقيدة الإسلامية ، وهو مرويّ في (صحاح) مدرسة الصحابة ، وأكثر مصارهم اعتباراً ووثاقةً ، فقد رأيت أن أعيد النظر فيما كتبتُه قبل عشر سنوات ، فأفرد له هذه الدراسة المستقلة الموضوعيَّة الشاملة ، وأبحثه بحثاً مستفيضاً من خلال مصادرهم بشكل كامل وتام ، لتكون الحجّة أعلى وأبلغ ، كل ذلك من دون أن ألج غمار البحث من خلال خلفيّة مسلَّمة ، أو قناعات مسبقة ، وإنَّما سرتُ مع البحث كما سيرى القارئ المتتبع بطريقة علمية واعية ، تؤثر بلوغ الحقيقة ، وقصد الصواب.