الأرض وتخر الجبال هدّاً.
ولقد أتيتم بها خرقاء شوهاء ، كطلاع الأرض وملء السماء ، أفعجبتم أن مطرت السماء دماً ، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون؟ فلا يستخفنكم المهل ، فإنه لا يحفزه البدار ، ولا يخاف فوت الثأر ، وإن ربكم لبالمرصاد»(١).
كان أهل الكوفة على موعد مع صوت علي بن أبي طالب عليهالسلام صوت العدالة الهادر .. فهذه هي ابنته تفرغ عن لسان أبيها كل ما كان يجلجل في خطرات القلوب ، وحبس الضمائر على باطل جلي ، يتضور منه الحق ، وتندك من خذلانه العزائم.
وكان علي عليهالسلام كلما علا منبرا تطأطأت معه تلاع النفاق ، وخبت جذوة الفتن ، وأماط القناع عن أهل الضغائن ، وأطاح بمخلفات التحالف يوم كانت تتربص بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قعودا عن كل نجدة في الدفاع عن الدين الحنيف. فهزيمة الأصحاب في أحد .. يرثها المخلفون من أهل النفاق يوم تغص صفين بحربها الضروس ، ويرتد أهل الفتنة في حرب الجمل الهزيل عن كل حق ، والبطين بكل خسيسة ؛ ليحمل أمهم الخرقاء ، فتقودهم إلى مساومات السياسة وتجارة المناصب.
هذه هي زينب عليهاالسلام في وقفتها الكوفية ، نطقت فأخرست ألسن النفاق ، وتجلببت فمزقت حجب الزور وهي ترنو إلى قصر الإمارة الخاوي عن كل حقيقة ، وقد أسس على جرف هار عندما شيدت يد الغدر جدران السقيفة ، وعقدت سداسية الشورى بمؤامراتها الهزيلة ، وصرح الخضراء الشامي تعقد فيه ليال حمراء على خرافة زهد الشيخين ، اللذين بعثا بالطليق ليطلق
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرم : ٣١٢.