يصلي ، فقال أبو بكر في نفسه : إن للصلاة حرمة وحقاً ، فترك الناسك ولم يمتثل أمر رسول الله. (١)
٤ ـ ثباته على الدين وعدم انقلابه على الأعقاب ، وخطبة الزهراء عليهاالسلام صريحة في انقلاب القوم على أعقابهم ، وفي حديث الحوض وآية الانقلاب ما يؤكد ذلك.
هذا ، والملاحظ في سيرة أبي بكر أنه كان يقدّم المصلحة على الفروض الإلهية حينما تدعوه مصلحته إلى ذلك ، إذ أبطل الحدّ عن خالد بن الوليد برغم إجماع المسلمين على لزوم قتله ، وقد كان عمر بن الخطاب ممن يرى قتله ، لكونه زنى بزوجة مالك بن نويرة وهي في العدّة ، لكنّ أبا بكر رفض إجراء الحد قائلاً : ... يا عمر ! تأوّل فأخطأ ، فارفع لسانك عن خالد فإني لا أشيمُ سيفا سلّه الله على الكافرين. (٢)
ولما أصرّ أبو قتادة الأنصاري ـ الذي شهد الزنا وكان في السريّة مع خالد ـ على موقفه ، دعاه أبو بكر ونهاه عن ذلك. (٣)
وبمنطق التأويل وبمنطق كون أعدائه كافرين ـ وإن كانوا في الواقع مسلمين ـ عَذَرَ أبو بكر خالداً لاحتياجه إليه في مواقف أُخرى.
وبنفس هذه الوتيرة عفى عن الأشعث بن قيس حين ارتدَّ ، وقد تأسف أبو بكر عند موته من فعلته هذه بقوله : ثلاث ... وثلاث ... وثلاث ، وعدّ من اللاتي ودّ فعلها ولم يفعلها : ضرب عنق الاشعث حين جيء به أسيراً ، فإنه يخيّل إليّ أنه لا يرى شراً إلّا أعان عليه. (٤)
_______________________________________
١. مسند أبي يعلى ٦ : ٣٤١ ح ٣٦٦٨ ، حلية الأولياء ٣ : ٢٢٧ ، مسند أحمد ٣ : ١٥ ، البداية والنهاية ٧ : ٣٣٠.
٢. تاريخ الطبري ٢ : ٥٠٣ وانظر طبقات ابن سعد ٧ : ٣٩٦ ، البداية والنهاية ٦ : ٣٥٤ ، الإصابة ٥ : ٧٥٥ ، وغيرها.
٣. الكامل في التاريخ ٢ : ٣٥٨.
٤. تاريخ الطبري ١ : ٦٢٠ ، تاريخ دمشق ٣٠ : ٤١٨ ، كنز العمال ٥ : ٦٣٢ / ١٤١١٣.