إنما كان فِعْل أبو بكر كل ذلك لأن الأشعث زعيم كندة ، وممن يحتاج إليه في مواقف ومشاهد أُخرى.
ولم يكتف الخليفة بإطلاق سراحه ، بل زوّجه أخته وأشركه في المهامّ ، لمصالح كان يرجوها.
هذا وعطّل أبو بكر فرض الصدقة المصرَّح بها في القرآن للمؤلفة قلوبهم نزولاً عند رغبة عمر بن الخطاب لما رآه من مصلحة ، وأن الإسلام قد قوي ولا حاجة للمؤلفة قلوبهم !!
ومثله منعه الزهراء عليهاالسلام فدكاً ، وقد احتجّت عليه بالقرآن على مشروعية ملكيّتها بعمومات آيات الوصية والإرث وتوريث الأنبياء أبناءهم.
وقبل كل ذلك فراره يوم أُحد وحنين وخيبر وعدم الثبات والتفاني فيها. كل ذلك لمصلحة كان يراها !!
قال اليعقوبي عن غزوة أُحد : وانهزم المسلمون حتى بقي رسول الله وما معه إلّا ثلاثة نفر : علي والزبير وطلحة. (١)
وروى الحاكم في مستدركه وصحّحه عن عائشة ، قالت : قال أبو بكر : لما جال الناس عن رسول الله يوم أحد كنت أول من فاء إلى رسول الله. (٢)
ونقل صاحب كنز العمال ـ في غزوة أُحد ـ عن أبي داود الطيالسي وابن سعد ، والبزار والدارقطني وابن حبّان وأبي نعيم وغيرهم بأسانيدهم عن عائشة أنّها قالت : وكان أبو بكر إذا ذكر يوم أُحد بكى ... ثمّ أنشأ يحدّث ، قال : كنت أول من فاء يوم أُحد. (٣)
_______________________________________
١. تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٧.
٢. المستدرك ٣ : ٢٧.
٣. مسند أبي داود : ٣ ، كنز العمال ١٠ : ٤٢٥ / ٣٠٠٢٥.