قال ابن أبي الحديد : قال الجاحظ : وقد ثبت أبو بكر مع النبي يوم أُحد كما ثبت علي ...
قال شيخنا أبو جعفر : أما ثباته يوم أُحد فأكثر المؤرخين وأرباب السير ينكرونه ، وجمهورهم يروي أنه لم يبق مع النبي إلّا علي وطلحة والزبير وأبو دجانة ، وقد روي عن ابن عباس أنه قال : ولهم خامس وهو عبدالله بن مسعود ، ومنهم من أثبت سادساً وهو المقداد بن عمرو. (١)
قال زيد بن وهب : قلت لابن مسعود : فأين كان أبو بكر وعمر ؟
قال : كانا فيمن تنحّى ، فقلت : فأين كان عثمان ؟ قال : جاء بعد ثلاثة [ أيام ] من الوقعة ، فقال له رسول الله : لقد ذهبت فيها عريضة. (٢)
وفي المغازي عن محمد بن مسلمة ، قال : سمعتْ أُذناي وأبصرتْ عيناي رسول الله يقول يومئذ ، وقد انكشف الناس إلى الجبل ، وهم لا يلوون عليه ، وإنه ليقول : إليّ يا فلان إليّ يا فلان ، أنا رسول الله ، فما عرّج عليه واحد منهما ومضيا. (٣)
وواضح أن الكناية هنا عن الشيخين وإنما لم يذكرهما الراوي صريحاً لأنهما أصحاب سلطان ، ولأن أتباعهما لا يروق لهما ذلك ، ولعله من تبديل النسّاخ.
وروي أن امرأة جاءت عمر أيام خلافته تطلب من برودٍ كانت بين يديه ، وجاءت معها بنت لعمر تطلب بُرداً أيضاً ، فأعطى المرأةَ وردّ ابنته ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن أبا هذه ثبت يوم أحد ، وأبا هذه [ يعني نفسه ] فرَّ يوم أُحد ولم يثبت. (٤)
_______________________________________
١. شرح نهج البلاغة ١٣ : ٢٩٣.
٢. كشف الغمة ١ : ١٩٣ ، الإرشاد ١ : ٨٤ ، انظر شرح النهج ١٥ : ٢١ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢٠٣ ، البداية والنهاية ٤ : ٣٢.
٣. المغازي ١ : ٢٣٧ ، وعنه في شرح النهج ١٥ : ٢٣.
٤. شرح النهج ١٥ : ٢٢.