بالإمامة من غيره ؛ لأنّه لم يفر من زحف قط كما فر غيره في غير موضع. (١)
روى الشيخ المفيد في كتاب الجمل والنصرة لسيد العترة في حرب البصرة عن عمر بن ابان قال : لمّا ظَهَرَ أميرُ المؤمنين عليهالسلام على اهل البصرة ، جاءه رجال منهم فقالوا : يا اميرالمؤمنين ما السببُ الذي دعا عائشة بالمظاهرة عليك حتّى بَلَغَتْ مِنْ خلافِك وشِقاقِك ما بَلَغَتْ ؟ وهي امرأةٌ مِنَ النساءِ لم يُكْتَبْ عليها القتالُ ولا فُرِضَ عليها الجهادُ ، ولا أُرْخِصَ لها في الخروجِ مِنْ بيتها ولا التَبَرُّجِ بينَ الرجالِ ، ولَيْسَتْ مِمَّنْ تَوَلَّتْهُ في شيءٍ على حالٍ.
فقال عليهالسلام : « سأذْكُرُ لكم أشياءَ ممّا حَقدَتْها عليَّ ليس لي في واحدٍ منها ذَنْبٌ إليها ولكنّها تَجَرَّمَتْ بها عليَّ.
أحدها : تفضيلُ رسولِ الله صلىاللهعليهوآله لي على أبيها وتقديمِهِ إيّايَ في مواطنِ الخير عليه ، فكانتْ تَضْطَغِنُ ذلك عليَّ ، فتعرفه منه فَتَتْبَعُ رأيَهُ فيه.
وثانيها : لمّا أخى بينَ أصحابِهِ أخى بينَ أبيها وبين عُمَرَ بْنِ الخطّاب ، واختصَّنِي بأُخُوَّتِهِ فَغَلُظُ ذلك عليها وحَسَدَتْني منه.
ثالثها : وأوْحَى الله تعالى صلىاللهعليهوآله إليه بِسَدِّ أبوابٍ كانتْ في المسجدِ لجميع أصحابِهِ إلّا بابي ؛ فلمّا سَدَّ بابَ أبيها وصاحِبِهِ وتَرَكَ بأبي مفتوحاً في المسجدِ تَكَلَّمَ في ذلك بعضُ أهلِهِ ، فقال صلىاللهعليهوآله : « ما أنا سَدَدتُ أبوابَكم وفَتَحْتُ بابَ عليٍّ ، بل الله عزّ وجلّ سَدَّ أبوابَكم وفَتَحَ بابَه » فَغَضِبَ لذلك أبو بكرٍ عليه ، وتَكَلَّمَ في أهلِهِ بشيءٍ سَمِعَتْهُ منه ابْنَتُهُ فَاضْطَغَنَتْهُ عليَّ.
[ رابعها ] وكان رسولُ الله صلىاللهعليهوآله أعْطى أباها الرايةَ يومَ خَيْبَرٍ ، وأمَرَهُ أنْ لا يَرْجعَ حتّى يَفْتَحَ أو يُقْتَلَ ، فلم يَلْبَثْ لذلك وانْهَزَمَ. فأعطاها في الغَدِ عُمَرَ بْنَ الخطّاب ،
_______________________________________
١. مناقب ابن شهرآشوب ٣ : ٩٣.