وضعوا هذه الأحاديث على لسان أمير المؤمنين عليهالسلام ، محاولين إخفاء مطالبة علي عليهالسلام بحقه بالخلافة ، واحتجاجاته واعتراضاته ، وعدم مبايعته للقوم لمدة ستة أشهر أو أكثر ، جاهدين في طمس معالم مؤامرة السقيفة ونزاعاتها ، وتركهم دفن النبي ، والانسلال من جيش أُسامة ، وتنصيب أبي بكر لعمر ، ومؤامرة الشورى ، ومريدين التعتيم على شكاوى أمير المؤمنين وخطبه وكلماته في أيام خلافته المباركة كالخطبة الشقشقية وغيرها من مباثّه الدالة على ظلم القوم له. أرادوا طمس كل تلك الحقائق من خلال موضوعات أموية ومختلقات سلطوية لا تريد أن يظهر الحقّ كما هو.
ومن المضحكات المبكيات ، أنّهم حالوا التعتيم على شجاعة أمير المؤمنين التي هي مضرب المثل ، والتي تحتشد وراءها أرقام تاريخية دامغة من أبطال قتلاه وأعداد الفارّين منه الكاشفين سوءاتهم ، حاولوا التعتيم على كلّ ذلك ونسبة الشجاعة المطلقة لأبي بكر الذي لم نسمع حتى بقتيل واحد له في وقائع الإسلام ، فقالوا :
عن علي أنه قال : أخبروني بأشجع الناس ؟ فقالوا : أنت.
قال : أما إنّي ما بارزت أحداً إلا انتصفت منه ، ولكن أخبروني بأشجع الناس قالوا : لا نعلم ، فمن ؟
قال : أبو بكر ، إنّه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله عريشاً فقلنا : من يكون مع رسول الله صلىاللهعليهوآله لئلا يهوي إليه أحد من المشركين ، فوالله ما دنا أحد إلّا أبو بكر شاهراً بالسيف على رأس رسول الله لا يهوي إليه أحد إلّا أهوى عليه ، فهو أشجع الناس ... الحديث ، (١) إلى غيرها من عشرات الأخبار عن علي وغيره في أبي بكر.
_______________________________________
١. مسند البزار ٣ : ١٥ / ٧٦١ ، سيرة ابن كثير ٢ : ٤١٠ ، فتح الباري ٧ : ١٢٩.