فيه بيده ، ثم قال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ، ثم رفعوه جميعاً ، فلما حاذى الموضع ، أخذه رسول الله صلىاللهعليهوآله بيده الشريفة فوضعه في مكانه. (١)
وجاء عنه فيما روته بعض كتب العامة أنه قال عند الصفا ـ في بداية دعوته المباركة ـ :
|
يا بني فهر ، يا بني عدي ، يا بني عبد المطلب ، وذكر الأقرب فالأقرب حتى اجتمعوا ، ومن لم يستطع أن يخرج إليه أرسل رسولاً لينظر له ما يريد ، فقال صلىاللهعليهوآله : « أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً في سفح هذا الجبل قد طلعت عليكم أكنتم مصدقي » ؟ فقالوا بلسان واحد : نعم ، أنت عندنا غير متّهم ، وما جربنا عليك كذباً قط. قال صلىاللهعليهوآله : إني نذير لكم من عذاب شديد ، يا بني عبدالمطلب ، ويا بني عبد مناف ، ويا بني زهرة ، ويا بني تيم ، ويا بني مخزوم وأسد ، ومضى يعدد جميع قبائل مكة وفروعها ، ثم قال : إن الله أمرني أن أنذركم من عقابه ، وإني لا أملك لكم من الدنيا منفعة ولا في الآخرة نصيباً إلا أن تقولوا : لا اله إلّا الله. فنهض أبو لهب ـ وكان رجلاً بدينا سريع الغضب ـ وصاح به : تَبّاً لك ، سائر اليوم ، ألهذا جمعت الناس ؟ وتفرقوا عنه يتشاورون في أمره. (٢) |
بلى ، إن القبائل العربية عارضته وكذبته لا لنفسه ، بل لما جاءهم به من أفكار وآراء عن الكون والحياة ، والتي لم يكن لهم بها عهد من قبل ، فصار شأنه شأن باقي المرسلين المكَذّبين من قِبَلِ أقوامهم ، فكان مثل قومه كمثل قوم نوح ، وعاد ،
_______________________________________
١. السيرة النبوية لابن هشام ١ : ٢٠٩ ، تاريخ الطبري ٢ : ٤١ البداية والنهاية ٢ : ٣٠٣ ، شرح نهج البلاغة ١٤ : ١٢٩.
٢. انظر صحيح البخاري ٦ : ٩٥ ، في تفسير الآية : ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ) ، وصحيح مسلم ١ : ١٣٤.