اللقب عنهم ، ولكن أنّى للمحرفين ذلك ؟! حيث إنهم صلوات الله عليهم كانوا في أصلاب شامخة وأرحام مطهرة لم تنجسهم الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسهم من مدلهمات ثيابها. (١) إذ عُرف جدهم بالصادق الأمين في الجاهلية ، لصدقه ووفائه بالمواثيق والعهود ، وكانت العرب تحترمه وتجله وتتحاكم إليه لأنه لا يداري ولا يماري ، (٢) وقد اشترك صلىاللهعليهوآله في حلف الفضول وعمره لا يتجاوز العشرين عاماً مناصرة للمظلوم أمام الظالم (٣) ووفاءً للعهود والمواثيق.
وقد حُكّم صلىاللهعليهوآله بين القبائل في وضع الحجر الأسود ، وذلك بعد أن أتمت القبائل تجديد البيت الحرام ، فتنازعوا بينهم في الذي يضع الحجر مكانه ، فاقترح أبو أُمية بن المغيرة ـ والد أم سلمة ـ أن يُحكّموا أول داخل عليهم من باب السلام ، فإذا بمحمد بن عبدالله صلىاللهعليهوآله دخل ، فلما رأوه قالوا : هذا الأمين رضينا.
فأُخبر صلىاللهعليهوآله الخبر ، فبسط إزاره ـ وفي نص طلب ثوباً ـ ثم أخذ الحجر فوضعه
_______________________________________
ومقاتل ابن سليمان كما في شواهد التنزيل ١ : ٢٦٢ آية ٥٥ ح ٣٥٦. وجاء في التفسير المراد بالصادقين هم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله : ( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ) فعن أبي جعفر ( مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ ) حمزة وجعفر ( وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ) علي بن أبي طالب.
١. فعن رسول الله : انا دعوة أبي إبراهيم. ( مسند الشاميين ٢ : ٣٤١ ، تفسير الطبري ١ : ٧٧٣ ح ١٧٠٧ ، الجامع الصغير ١ : ٤١٤ ح ٧٠٣ ، شواهد التنزيل ١ : ٤١١ ح ٤٣٥.
وعنه صلىاللهعليهوآله : نقلت من كرام الأصلاب إلى مطهرات الأرحام ، وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح ، وما مسني عرق سفاح قط ، وما زلت أنقل من الأصلاب السليمة من الوصوم البرية من العيوب ( شرح نهج البلاغة ١١ : ٧٠ ).
وروى أحمد في فضائل الصحابة ٢ : ٦٦٢ عن النبي أنه قال : خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم ... فلمّا خلق الله آدم أسكن ذلك النور في صلبه إلى أن افترقنا في صلب عبد المطلب فجزء في صلب عبدالله ، وجزء في صلب أبي طالب.
٢. السيرة الحلبية ١ : ١٤٥.
٣. طبقات ابن سعد ١ : ١٢٩ ، المنمق : ٥٢ ـ ٥٤.