إذاً الصدّيقية هي إحدى الصفات ومميّزات الاصطفاء ، فهي تكون أولاً للأنبياء والمرسلين ، ثم للأوصياء والصالحين ، لما مرَّ عليك في الآيات السابقة ، ولقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ) ، (١) وهذا التخصيص بعد البيان يشير إلى أن الكاذبين من الذين آمنوا لا يمكن أن يكونوا صدّيقين ، بل المعنيُّ بهذه الآية هم آل البيت لكونهم صادقين وصدّيقين حسبما يأتي تفصيله.
روى ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب عن ابن عباس في قوله تعالى : ( وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا ).
( مِّنَ النَّبِيِّينَ ) يعني محمدا ( وَالصِّدِّيقِينَ ) يعني علياً ، وكان أوّل من صدّقه ، ( وَالشُّهَدَاءِ ) يعني علياً وجعفراً ، وحمزة والحسن والحسين عليهمالسلام.
ثمّ قال :
النبيّون كلهم صدّيقون ، وليس كل صدّيق نبياً ، والصدّيقون كلهم صالحون ، وليس كل صالح صدّيقاً ، ولا كل صدّيق شهيد.
وقد كان أمير المؤمنين صدّيقاً ، شهيداً ، صالحاً ، فاستحق ما في الاثنين من وصف سوى النبوة.
وكان أبو ذر يحدث شيئاً فكذبوه ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ما أظلت الخضراء [ على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ] فدخل وقتئذ علي عليهالسلام فقال صلىاللهعليهوآله : ألا أن هذا الرجل المقبل فإنّه الصدّيق الأكبر والفاروق الأعظم. (٢)
_______________________________________
١. سورة الحديد : ١٩.
٢. المناقب لابن شهرآشوب ٣ : ٨٩ ـ ٩٠.