وبما أنّ الرسول المصطفى هو الصادق الأمين ، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، فكل ما يقوله عن الآخرين هو الحق ، فيكون تلقيبه للآخرين بالألقاب غير متأتٍّ عن أحاسيس وعواطف ، بل لما يحمله الآخرون من صفات وممّا لا يمكن إنكاره هو إن الإسلام انتشر وفق عاملين أساسين :
أحدهما : أموال خديجة.
وثانيهما : سيف أمير المؤمنين علي.
وبما أنّ هاتين الشخصيتين كانتا أول من آمن بمحمد بن عبدالله وصدّقه في رسالته وبذلا الغالي والنفيس في نشر دعوته ، نرى الرسول الأمين قد لقب أولهما بالصدّيقة ، والثاني بالصدّيق ، لكثرة تصديقهما لرسول الله في كل قولٍ وفعل ، أي أن مصداقية الصدّيقية تؤخذ من فم الرسول صلىاللهعليهوآله بناءً على كمالاتهم الذاتية وسيرتهم ، ولا يمكن إطلاق الألفاظ جزافاً بعيداً عن الذات والسيرة ، وهذا أقل ما يقال.
فقد جاء في تاريخ دمشق : عن الضحاك ومجاهد ، عن ابن عمر قال :
نزل جبرئيل على رسول الله بما أرسل به ، وجلس يحدث رسول الله إذ مرت خديجة بنت خويلد ، فقال جبرئيل : من هذه يا محمد ؟
قال : « هذه صدّيقة أُمتي ».
قال جبرئيل : معي إليها رسالة من الرب : تبارك وتعالى يقرئها السلام ويبشرها ببيت في الجنة من قصب بعيد من اللهب لا نصب فيه ولا صخب قالت : الله السلام ومنه السـلام والسـلام عليكما ورحمـة الله وبـركاته على رسول الله ، ما ذلك البيت الذي من قصب ؟ قال : لـؤلـؤة جوفاء بين بيت مريـم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم وهما من أزواجي يوم القيامة. (١)
_______________________________________
١. تاريخ دمشق ٧ :
١١٨ وعنه في البداية والنهاية ٢ : ٦٢ ، وقد روي هذا الخبر في كتب الفريقين