هذا وإن الإمام عليّاً كان قد استشهد بهذه المواخاة عدّة مرات ، فمّما قاله عليهالسلام يوم الشورى لعثمان وعبدالرحمن وسعد والزبير وطلحة :
أُنشدكم الله هل فيكم أحد آخى رسول الله بينه وبينه إذ آخى رسول بين المسلمين غيري ؟ قالوا : اللهم لا. (١)
وقال علي عليهالسلام للوليد يوم بدر لما برز لقتاله حيث ، قال له الوليد : من أنت ؟ قال علي : أنا عبدالله وأخو رسوله. (١)
وقد أشارت السيدة فاطمة الزهراء في خطبتها المشهورة إلى هذه الاخوّة بقولها عليهاالسلام :
قذف أخاه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأَ صماخها بأخمصه ، ويخمد لهبها بسيفه ، مكدوداً في ذات الله ، مجتهداً في أمر الله ، قريباً من رسول الله ، سيد أولياء الله ، مشمّراً ناصحاً ، مجداً كادحاً ، وأنتم في رفاهية من العيش ، وادعون فاكهون آمنون ، تتربصون بنا الدوائر ، وتتوكفون الأخبار ، وتنكصون عند النزال ، وتفرون عند القتال ... . (٢)
ولما سمع أبو بكر حجة الزهراء تأثّر بكلامها ، فجاء ليطيّب خاطرها ، معترفاً بأنّ عليّاً هو أخ الرسول دون الأخلّاء فقال :
يا ابنة رسول الله ، لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفاً كريماً ، رؤوفاً رحيماً ، وعلى الكافرين عذاباً أليماً ، وعقاباً عظيماً ، إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء ، وأخاً لبعلك دون الأخلّاء ، آثره على كل حميم ، وساعده في كل أمر جسيم ، لا يحبكم إلا سعيد ، ولا يبغضكم إلا شقي ؛ فأنتم عترة رسول الله صلىاللهعليهوآله الطيبون ، والخيرة
_______________________________________
١. الاستيعاب ٣ : ١٠٩٨.
٢. طبقات ابن سعد : ٢ : ٢٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ : ٦٠.
٣. أنظر شرح النهج لابن أبي الحديد ١٦ : ٢٥ ، وجواهر المطالب ١ : ١٥٦.