فقال : إذا أبيت فوالذي أكرم محمداً بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني إلّا الجهد ، ولقد تركت عيالي بحال لم تتحملني لها الأرض فخرجت مهموماً راكباً رأسي ، فهذه حالي.
فهملت عينا علي عليهالسلام بالدموع حتى أخضلت دموعُهُ لحيتَه ، ثمّ قال : أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني ، من أهلي إلّا الذي أزعجك ولقد استقرضت ديناراً فخذه ، فدفع الدينار إليه وآثره به على نفسه.
فوضع عليهالسلام رأسه فنام ، فخرج النبي فإذا هو به فحرّكه ، وقال : ما صنعت ، فأخبره ، فقام وصلى معه ، فلما قضى النبي صلاته قال : يا أبا الحسن هل عندك شيء نطعمه ؟ فمكث عليهالسلام مطرقاً لا يحير جواباً حياءً من رسول الله وهو يعلم ما كان من أمر الدينار ، ثم قال عليهالسلام : نعم يا رسول الله على الرحب والسعة ، وقد كان أوحى الله إلى نبيه محمد أن يتعشى عند علي بن أبي طالب ، فانطلقا حتى دخلا على فاطمة وهي في مصلّاها وجنبها جفنة تفور دخاناً ، فأخرجت فاطمة الجفنة فوضعتها بين أيديهما ، فسأل عليٌّ : أنى لك هذا ؟
قالت : هو من فضل الله ورزقه ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.
قال : فوضع النبيُّ كفّه المبارك بين كتفي علي ثمّ قال : يا علي هذا بدل دينارك ، ثمّ استعبر النبي باكياً وقال : الحمد للّه الذي لم يمتني حتى رأيت في ابنتي ما رأى زكريا لمريم. (١)
وجاء في أخبارنا أنّ الأئمة من ولد فاطمة ، هم أفضل من أنبياء بني إسرائيل ،
_______________________________________
١. انظر مناقب ابن شهرآشوب ١ : ٣٥٠ ، أمالي الطوسي : ٦١٧ ، الخرائج والجرائح ٢ : ٥٢٢ ، ذخائر العقبى : ٤٦ ، فضائل سيدة النساء لعمر بن شاهين : ٢٦ ، تفسير فرات : ٨٤ ، كشف الغمة ٢ : ٩٨ ، تأويل الآيات ١ : ١٠٩ ، ينابيع المودة ٢ : ١٣٦.