هذا السفيه محمّد بن أبي حذيفة فننكبه (١) ونخبره بضلاله ونأمره أنْ يقوم فيسبّ علياً عليهالسلام ! قالوا : نعم فبعث إليه معاوية وأخرجه من السجن ، فقال له معاوية : يا محمّد بن أبي حذيفة ، ألم يَأْنَ لك أنْ تبصر ما كنت عليه من الضلالة بنصرتك علي بن أبي طالب الكذّاب ؟ ! ألم تعلم أنّ عثمان قُتل مظلوماً وأنّ عائشة وطلحة والزبير خرجوا يطلبون بدمه وأنّ علياً هو الّذي دسّ في قتله ؟ ! ونحن اليوم نطلب بدمه .
قال محمّد ابن أبي حذيفة : إنّك لتعلم أنّي أمسّ القوم بك رحماً وأعرفهم بك ؟ ! قال : أجل ، قال : فوالله الّذي لا إله غيره ما أعلم أحداً أشرك في دم عثمان وألّب الناس عليه غيرك لمّا استعملك ومن كان مثلك ، فسألوه المهاجرون والأنصار أنْ يعزلك فأبىٰ ، ففعلوا به ما بلغك ، ووالله ما أحد اشترك في قتله بدءاً وأخيراً إلّا طلحة والزبير وعائشة ، فهم الّذين شهدوا عليه بالعظيمة وألّبوا عليه الناس ، وشركهم في ذلك عبد الرحمٰن بن عوف وابن مسعود وعمّار والأنصار جميعاً .
قال : قد كان ذاك .
قال : والله إنّي لأشهد أنّك منذ عرفتك في الجاهليّة والإسلام لعلىٰ خلق واحد ما زاد فيك الإسلام لا قليلاً ولا كثيراً ، وإنّ علامة ذاك فيك لبيّنة ، تلومني علىٰ حبّي عليّاً ! خرج مع علي كلّ صوّام قوّام مهاجري وأنصاري ، وخرج معك أبناء المنافقين والطلقاء والعتقاء ، خدعتهم عن دينهم وخدعوك عن دنياك ، والله يا معاوية ما خفي عليك ما صنعت وما خفي عليهم ما صنعوا إذ أحلّوا أنفسهم سخط الله في طاعتك ، والله لا أزال
__________________
(١) كذا في النسخ ، وفي المصدر : فنبكّته .
التَّبْكيتُ : التقريع والغلبة ، انظر القاموس المحيط ١ : ١٤٣ .