والإطلاق لا يقتضيه أو ترادف علّتين على معلول واحد.
وأن بعضهم قائل بأن العامل في المعطوف حرف العطف بالنيابة (١). وعليه على ذلك التقدير يجتمع المؤثّران على أثر واحد ، وهو جلي.
ولا رابع في المسألة.
فإن قلت : فما تقول إذن في مثل قوله تعالى (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ) (٢) ، ونحو اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، ومثله كثير في كلام العرب ، فإن ما أوردته وارد في الظاهر عليه ، وهو وراد عليك؟
قلت : لا نسلّم أن هذا وما أشبهه ممّا نحن فيه ، بل هو من عطف الجمل (٣) ، ولا بحث فيه ، وإنّما الكلام في المفردات.
وإن قالوا : إن المجرور وحده عطف على الضمير المجرور ، وإن المعاد لا معنى له ولا عمل غير تصحيح العبارة ، لزم أن يهمل عامل متأصّل في عمله ليس أقلّ من الحرف الزائد ، بلا سبب داعٍ ، ولا نظير له ، وأن يكون الاسم زائداً أيضاً ، وهم لا يجيزون زيادته.
والرضيّ قدسسره (٤) اختار هذا الوجه الأخير ، ولكنه أحال العمل على المُعاد ، وهو لا ينجيه من لزوم زيادة الاسم وممّا مرّ أيضا كما ترى.
وأيضا يلزمهم على هذا الوجه الأخير حيلولة المعاد الّذي لا معنى له ولا عمل غير تصحيح اللفظ بين العاطف والمعطوف ، والجارّ والمجرور ، وكلاهما باطل لا نظير له في مثل هذا المقام.
فإن قلت : فما تصنع فيما إذا عطفت الضمير على المجرور ، فإن الإعادة لازمة كما تقرر؟
__________________
(١) انظر المصدر نفسه.
(٢) فصّلت : ١١.
(٣) وممّا يدلّ على أن العطف في الآية من باب عطف الجمل ، وأن المتعلّق متعدّد وجوبُ تقدّم السبب والعلّة على المسبب والمعلول وترتبهما ، وهيهات أن يخاطبا معاً بدون ترتب ، فالقول للأرض بعد القول للسماء ؛ لأنها الواسطة لها. (هامش المخطوط).
(٤) شرح الرضيّ على الكافية ٢ : ٣٣٥.