رضوان الله عليها آمنة بنت وهب حملت به في أيام التشريق عند الجمرة الوسطى. قال المجلسي رحمهالله : (اعلم أن هنا إشكالاً مشهوراً ذكره الشهيد الثاني وجماعة هو أنه يلزم من كون الحمل به في أيّام التشريق ، وولادته في ربيع الأوّل أن تكون مدّة حمله صلىاللهعليهوآله ؛ إمّا ثلاثة أشهر ، أو سنة وثلاثة أشهر ، مع أن الأصحاب اتّفقوا على أنه لا يكون الحمل أقلّ من ستّة أشهر ولا أكثر من سنة. ولم يذكر أحد من العلماء أن ذلك من خصائصه).
قال : (والجواب أن ذلك مبنيّ على النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهليّة ، ونهى الله عنه ، وقال (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) (١). قال الطبرسيّ في تفسير هذه الآية نقلاً عن مجاهد : (كان المشركون يحجّون في كلّ شهر عامين ، فحجّوا في ذي الحجّة عامين ، ثمّ في المحرّم عامين ، وكذا في الشهور حتّى وافقت الحجّة التي قبل حجّة الوداع في ذي القعدة. ثمّ حجّ النبيّ صلىاللهعليهوآله في العام القابل حجّة الوداع فوافقت ذا الحجّة ، فقال في خطبته وإنّ الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متوالية : ذو القعدة وذو الحجة والمحرّم ، ورجب مفرد بين جمادى وشعبان.
أراد بذلك أن الأشهر الحرم رجعت إلى مواضعها وعاد الحجّ إلى ذي الحجّة ، وبطل النسيء) (٢) ، انتهى.
إذا عرفت هذا فقيل : إنه يلزم أن يكون الحجّ عام مولده صلىاللهعليهوآله في جمادى الاولى ؛ لأنه صلىاللهعليهوآله توفّيَ وهو ابن ثلاث وستّين سنة ، ودورة النسيء أربعة وعشرون سنة ضعف عدة الشهور ، فإذا أخذنا من السنة الثانية والستين ورجعنا تصير السنة الخامسة عشرة ابتداء الدورة ؛ لأنه إذا نُقص من اثنين وستين ثمانية وأربعون يبقى أربعة عشر ، الاثنتان الأخيرتان منها لذي القعدة واثنتان قبلهما لشوّال ، وهكذا.
__________________
(١) التوبة : ٣٧.
(٢) مجمع البيان ٥ : ٤١.