فطلبتم ، فلا مال بذلتموه ، ولا نفسا خاطرتم بها للذي خلقها ، ولا عشيرة عاديتموها في ذات الله ، أنتم تتمنون على الله جنته ومجاورة رسله وأمانه من عذابه.
لقد خشيت عليكم أيها المتمنون على الله أن تحل بكم نقمة من نقماته ، لانكم بلغتم من كرامة الله منزلة فضلتم بها ، ومن يعرف بالله لا تكرمون ، وأنتم بالله في عباده تكرمون ، وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تقرعون ، وأنتم لبعض ذمم آبائكم تقرعون وذمة رسول الله محقورة ، والعمي والبكم والزمن في المداين مهملة لا ترحمون ، ولا في منزلتكم تعملون ، ولا من عمل فيها تعتبون ، وبالادهان و المصانعة عند الظلمة تأمنون ، كل ذلك مما أمركم الله به من النهي والتناهي وأنتم عنه غافلون ، وأنتم أعظم الناس مصيبة لما غلبتم عليه من منازل العلماء لو كنتم تسمعون.
ذلك بأن مجاري الامور والاحكام على أيدي العلماء بالله ، الامناء على حلاله وحرامه ، فأنتم المسلوبون تلك المنزلة ، وما سلبتم ذلك إلا بتفرقكم عن الحق واختلافكم في السنة بعد البيتة الواضحة ، ولو صبرتم على الاذى وتحملتم المؤونة في ذات الله كانت أمور الله عليكم ترد ، وعنكم تصدر ، وإليكم ترجع ، ولكنكم مكنتم الظلمة من منزلتكم ، واسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات ، و يسيرون في الشهوات ، سلطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم ، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم ، فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب ، يتقلبون في الملك بآرائهم ويستشعرون الخزي بأهوائهم ، اقتداء بالاشرار ، وجرأة على الجبار ، في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع ، فالارض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة ، والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس ، فمن بين جبار عنيد ، وذي سطوة على الضعفة شديد ، مطاع لا يعرف المبدئ والمعيد ، فيا عجبا ومالي [ لا ] أعجب والارض من غاش غشوم ومتصدق ظلوم ، وعامل على المؤمنين بهم غير رحيم ، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا ، والقاضي بحكمه فيما شجر بيننا.
اللهم إنك تعلم إنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان ، ولا التماسا من