ولما جعل التفضل في بني إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه على الذنب فينهاه فلا ينتهي فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وجليسه وشريبه حتى ضرب الله عزوجل قلوب بعضهم ببعض ونزل فيه القرآن حيث يقول عزوجل « لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه » إلى آخر الآيتين (١).
٣٧ ـ ف : من كلام الحسين بن علي صلوات الله عليهما في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ويروى عن أمير المؤمنين عليهالسلام : اعتبروا أيها الناس بما وعظ الله به أولياءه من سوء ثنائه على الاحبار إذ يقول : « لولا ينهيهم الربانيون والاحبار عن قولهم الاثم » وقال : « لعن الذين كفروا من بني إسرائيل » إلى قوله : « لبئس ما كانوا يفعلون » وإنما عاب الله ذلك عليهم لانهم كانوا يرون من الظلمة الذين بين أظهرهم المنكر والفساد فلا ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا ينالون منهم ورهبة مما يحذرون ، والله يقول : « ولا تخشوا الناس واخشون » وقال : « المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر » فبدء الله بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا اديت واقيمت استقامت الفرائض كلها هينها وصعبها ، وذلك أن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر دعاء إلى الاسلام مع رد المظالم ومخالفة الظالم ، وقسمة الفيي ء والغنائم وأخذ الصدقات من مواضعها ، ووضعها في حقها.
ثم أنتم أيها العصابة عصابة بالعلم مشهورة ، وبالخير مذكورة ، وبالنصيحة معروفة ، وبالله في أنفس الناس مهابة يهابكم الشريف ، ويكرمكم الضعيف ويؤثركم من لا فضل لكم عليه ولا يدلكم عنده ، تشفعون في الحوائج إذا امتنعت من طلابها ، وتمشون في الطريق بهيبة الملوك وكرامة الاكابر ، اليس كل ذلك إنما نلتموه بما يرجى عندكم من القيام بحق الله ، وإن كنتم عن أكثر حقه تقصرون ، فاستخففتم بحق الائمة ، فأما حق الضعفاء فضيعتم ، وأما حقكم بزعمكم
__________________
(١) ثواب الاعمال ص ٢٣٣.