ينافيه ذكرهم له ، وتوصيفهم إيّاه ، وأخذهم عنه بلا واسطة ، أو معها ، وسوء فعاله سرّا لا ينافي حسن ظاهره ، الذي يكشف عنه صلاحه الثابت بالنص منهم.
ومن تأمّل في موارد استعمال الصلاح ، والصالح ، والصالحين ، والصلحاء ، في الكتاب والسنة لا يكاد يشك في دلالتها على ما فوق العدالة ، ولذا قال الشهيد في شرح الدراية بعد عدّ الوصف بالزهد ، والعلم ، والصلاح ، من أسباب المدح ما لفظه : مع احتمال دلالة الصلاح على العدالة وزيادة (١) ، انتهى.
وكيف يجتمع الزهد الحقيقي الواقعي الذي لا بُدّ من حمل اللفظ عليه مع الفسق في الظاهر ، بل في الباطن أيضاً ، وكذا الكلام في الباقي ، أليس من المستنكر أن يقال : فلان شيخ جليل إلاّ أنه لا يصلي صلاة الصبح ، أو يفعل كذا من المعاصي ، وهكذا في قولهم : فقيه أصحابنا ، أو وجههم ، أو عينهم ، وكيف يكون وجهاً لهم وهو مجدور ، وعيناً لهم وهو أعور؟!! وبالجملة فدلالة هذه الألفاظ مطابقة أو التزاماً على حسن الظاهر ظاهرة.
وإذا ضمّ إليها عدم طعن أحد فيه بشيء ، وذكره الأعلام مع حَمَلَة الشريعة ، ورواة الشيعة ، زاد في حسنه وبهائه ، ولو كان صاحب أصل أو كتاب لم يطعنوا عليه ، وذكروا طرقهم إليه ، يكون أخذاً بمجاميع الحسن في الظاهر ، الكاشف عند من أنصف من نفسه عن حسن السرائر. وما وراء عبادان قرية! ويؤيد جميع ما ذكرنا أنّا لم نجد القدماء فرّقوا في مقام العمل ، وفي موارد الترجيح عند التعارض ، بين من قيل في حقّه بعض تلك المدائح ، وبين من وثقوه صريحاً ، ولم نَرَ مورداً قدّموا الصحيح باصطلاح المتأخرين على حسنهم عند التعارض ، مع تقديمهم الموثق والضعيف عليه.
هذا الشيخ في الكتابين كثيراً ما يطعن في السند عند التعارض بأنّ فيه
__________________
(١) الدراية : ٧٨.