وربما لم يكن لعناية بعض من لا احاطة له بالمسائل التاريخية والمباحث الاسلامية الى اقوال المستشرقين علة الّا الاسماء التى لم تكن مأنوسة كبراون ونولد كن وهنرى لا منس واميل در منغم فيحسب المسكين ان تحت هذه الاسماء حقائق عالية ، وآراء ثاقبة ، وليس ذلك الا لضعف الشرق ، واستيلاء الغرب عليه حتى ان بعض ابناء الشرق يعتقد صعوبة المناقشة فى آراء المستشرقني ونظرات الغربيين ، والرد عليهم لانه يحسبهم من رجالات العلم والاطلاع فى جميع العلوم ويظن ان تقدمهم فى الصناعات والطب والبيطرة مستلزم لتقدمهم فى ساير العلوم ، وان يكونوا اخبر بحال الشرق وطباع ابنائه وتاريخ الاسلام ، واصول التشريع ، وعقايد الفرق الاسلامية من علماء المسلمين ولم يعقل ان ما حصل للمستشرقين من العلوم الاسلامية والبحوث التاريخية لم يحصل الا لاجل الغور فى علوم المسلمين ، ومطالعة كتب علمائهم (١).
هذا مضافاً الى انهم لا يريدون باستشراقهم الّا خدمة امتهم وحكوماتهم وليست آراؤهم العلمية خالية عن النزعات السياسية ، ومع ذلك اليس من ابشع ما فى كتاب الخطيب استشهاده بنقل ما وجد عند (براين) وحكاية (فولدكن) والجريدة الآسيوية الفرنسية.
ــــــــــــــ
(١) لا شك عند جميع المحققين من المسلمين وغيرهم ان تأخر المسلمين ليس لضعف الفلسفة والاداب والتاريخ ونقصان قوانينهم فان الاسلام احسن كافل لهم فى ذلك ، ولكنهم غلبوا لانهم تركوا الاشتغال بالعلوم التجربية المادية بتمام فروعها الكيميائية والطبيعية ، والميكانيكية التطبيقية والنظرية وغيرها. غلبوا لانهم لم يملكوا المصانع وفقدوا من ادوات الحرب ، ما يضاهون به عدوهم ، وما يتحررون به من هذا السجن الاقتصادى ، قد قال الله تعالى : واعدوا لهم ما استطعتم من قوة.