ومادت الجبال وكثر اضطرابها ، واصطفقت (١) البحار بأمواجها ، وماجت السماوات بأهلها ؛ غضبا لك يا محمّد ولذريّتك ، واستعظاما لما ينتهك من حرمتك ، ولشرّ ما تُكَافَأُ في ذريّتك وعترتك ، ولا يبقى شيءٌ من ذلك إلاّ استأذن الله عزّ وجلّ في نصرة أهلك المستضعفين المظلومين الّذين هم حجّه الله على خلقه بعدك.
فيوحي الله إلى السّماوات والأرض والجبال والبحار ومن فيهنّ : إنّي أنا الله الملك القادر ، الّذي لا يفوته هارب ، ولا يعجزه ممتنع ، وأنا أَقْدَرُ على الانتصار والانتقام ، وعِزّتي وجلالي لأُعذّبنّ مَن وتَرَ رسولي وصفيِّي ، وانتهك حرمته ، وقتل عترته ، ونبَذ عهَدهُ ، وظلم أهل بيته [أهله ـ خ ل] عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين ، فعند ذلك يضجّ كلّ شيء في السّماوات والأرضين بلعن من ظلم عترتك ، واستحلّ حرمتك.
فإذا برزت تلك العصابة إلى مضاجعها تولّى الله عزّ وجلّ قبض أرواحها بيده ، وهبط إلى الأرض ملائكة من السّماء السّابعة ، معهم آنية من الياقوت والزمرّد مملوءة من ماء الحياة وحلل من حلل الجنّة ، وطيب من طيب الجنّة ، فغسّلوا جثثهم بذلك الماء ، وألبسوها الحلل ، وحنّطوها بذلك الطيب ، وصلّت الملائكة صفّا صفّا عليهم.
ثمّ يبعث الله قوما من أمّتك لا يعرفهم الكفّار ، لم يشركوا في تلك الدّماء بقول ولا فعل ولا نيّة ، فيوارون أجسامهم ، ويقيمون رسما لقبر سيّد الشهداء بتلك البطحاء ، يكون علما لأهل الحقّ ، وسببا للمؤمنين إلى الفوز ، وتحفّه ملائكة من كلّ سماء مائة ألف ملك في كلّ يوم وليلة ، ويصلّون عليه ،
________________
١ ـ اصطفقت الأشجار : اضطربت واهتزّت بالريح ، والعود : تحرّكت أوتاره. تاج العروس ٢٦ : ٣٤.