فالمودّة هي اعلى مرتبةً من المحبّة ، وهي المحبّة الراسخة في القلب والجارية على اللسان واليد (١) ، وقيل في سبب تسمية المسمار أو ما ينصب في الأرض بالوتد أو الودّ لرسوخه في عمق الحائط أو الأرض.
وهي تعطي أيضا معنى المتابعة والموالاة للآخر ، أي أنّ المودّة هي المحبّة + الاتباع ، بهذا نكون قد عرفنا بأنّ المودّة هي أسمى من المحبّة وأنّها ليست المحبّة ـ كما يقولون ـ ، وأنّ من سمات الّذي يودّ هو عدم محبّة أعداء الله ، لأنّ (مَّا جَعَلَ اللّه لِرَجُلٍ مِن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِه) (٢)ِ بل على الوادِّ الوقوف أمام كلّ من يريد المساس بحرمات الله والتقليل من شأنها ، لأنّ الدين ما هو إلاّ الحب.
(٩)
وهل الدين إلا الحب والبغض
وهذا أصل شرع ومعناه أن الدين ما هو إلاّ الولاء لأولياء الله والبراءة من أعداء الله ، وقد قلنا بأنّ البراءة من الأعداء ملحوظة عند إطلاق كلمة المودّة ، بل إنّها من مصاديق المودّة الحقّة ، قال الشاعر :
تودّ عدوّي ثمّ تزعم أننّي |
|
أُحبّك إنّ الرأي عنك لعازِبُ (٣) |
ولو تأمّلت في سورة الممتحنة ، والّتي نزلت في حاطب بن أبي بلتعة ظاهراً ، تراها تحتوي على التولّي والتبرّي «أي الحبّ والبغض» معاً فقد بدأت السورة
________________
١ ـ انظر : المحاسن ١ : ١٥٣ / ٧٦ ، و ٧٧ ، تأويل الآيات ٢ : ٨٦١ / ٢ ، غاية المرام ٦ : ١٤٣ / ١ و ٢ ، وبحار الأنوار ٢٧ : ٩٣ / ٧. فإنّ فيها مجموعة رواياتٍ جاءت في الإمام عليّ عليهالسلام تؤكّد ذلك.
٢ ـ الاحزاب : ٤.
٣ ـ الشعر لابي العبّاس محمّد بن يزيد النحوى ، انظر الموشى للوشاء صفة المتحابين في الله عزّ وجلّ.