بقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوْا بِمَا جَاءَكُم مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللّه رَبِّكُمْ إِن كُنتُم خَرَجْتُمْ جِهَادا فِي سَبِيلي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (١) وختمت بقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْما غَضِبَ اللّه عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسوا مِنَ الاْخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُور).
فالله سبحانه أراد في هذه السورة بيان حقيقة للمؤمنين ، وهي أنّ إسرار المودّة لأعداء الله ورسوله ، وفي المقابل عدم إظهار المحبّة لله ولرسوله ، هو مداهنة ونفاق.
وقد حذّر سبحانه من الوقوع في هذا المنزلق بقوله : (وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) (٢) ، لأنّ المسلم إذا لم يلتزم بمعاداة أعداء الله فسيقع في شراك (المَغْضوبِ عَلَيْهم) ، بقصد أو بدون قصد.
فحصر المودّة في القربى يقتضي أن يكون الله سبحانه أراد نهي المسلم من إلقاء المودّة إلى أعداء القربى.
وبما أنّ أبا بكر وعمر بن الخطّاب كانا يعلمان بأن البراءة والولاء اصلان قرآنيان ووجودهما في سورة الممتحنة وفي غيرها ـ
وهما يعلمان أيضا بمكانة الإمام عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام عند الله ورسوله وأن الخلافة يجب أن تکون في آل البيت ، إذ قال أميرالمؤمنين عليّ
________________
١ ـ الممتحنة : ١.
٢ ـ الممتحنة : ١.