النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو يقول له : ما هذه الجفوة يا بلال؟! أما آن لك أن تزورني يا بلال؟
فانتبه حزينا وجلاً خائفا ، فركب راحلته وقصد المدينة [من الشام] ، فأتى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله فجعل يبكي عنده ويُمرّغ وجهه عليه.
فأقبل الحسن والحسين فجعل يضمّهما ويقبِّلهما ، فقالا له : يا بلال ، نشتهي أن نسمع أذانك الّذي كنت تؤذّنه لرسول الله صلىاللهعليهوآله في السَّحَر ، ففعل ... (١).
هذا هو عن الجفاء لرسول الله وهو معنى آخر لمن يتساهل أو يستخف بزيارة أمير المؤمنين أيضاَ.
فعن أبي وهب القصري قال : دخلت المدينة فأتيت أبا عبد الله عليهالسلام ، فقلت له : جعلت فداك أتيتك ولم أزر قبر أمير المؤمنين.
فقال عليهالسلام : بئس ما صنعت ، لولا أنك من شيعتنا ما نظرت اليك ، ألا تزور من يزوره الله مع الملائكة ويزوره الأنبياء عليهمالسلام ويزوره المؤمنون.
قلت : جعلت فداك ما علمت ذلك.
قال : فاعلم أن أميرالمؤمنين عند الله أفضل من الأئمّة كلّهم ، وله ثواب أعمالهم ، وعلى قدر أعمالهم فُضِّلُوا (٢).
اذا الجفاء لا يختصّ برسول الله فحسب ، بل يكون الجفاء للأئمّة أو للأبوين أو للصالحين أيضا ، وذلك لأنّ لهم علينا حقوقا ، كلّ ذلك بتفاوت.
فعن داوود بن عقبة أنّه قال : كان جار لي يُعرف بعليّ بن محمّد ، قال : كنت أزور الحسين عليهالسلام في كلّ شهر ، ثمّ علت سنّي وضعف
________________
١ ـ تاريخ دمشق ٧ : ١٣٦ ، أُسد الغابة ١ : ٢٠٨. تاريخ الإسلام ١٧ : ٦٧.
٢ ـ الكافي ٤ : ٥٨٠ / ٣ ، كامل الزيارات : ٨٩ / ٩٠ ، وفيه عن يونس عن أبي وهب البصري ، وتهذيب الكمال ٦ : ٢٠ / ٤٥ ، وفيه عن يونس عن أبي وهب القصري.