وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا الله تَوَّابا رَحِيما) (١) ، وهل هي مختصّة بعصر الرسالة فقط ، أم أنّها تشمل سائر الأزمان؟ وإذا اختصّت الآية بعصر الرسالة ، ألا يُعَدُّ هذا إجحافا في حقّ الأجيال اللاحقة؟
وما معنى شهادة الرسول على النّاس؟ وكيف يمكن تصوّره طبق الضوابط المادّيّة الّتي نعرفها؟ مع أنّه صلىاللهعليهوآله ميّت وأنّهم ميّتون في الظاهر؟!
إنّ ذلك كلّه من الغيب الإلهيّ الّذي لابدّ من الإيمان به ، وهو يشبه تسبيح الموجودات لربّ العالمين الّتي لا نفقه تسبيحها. (وَإِن مِن شَيءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ وَلَكن لا تَفْقَهونَ تَسبيحَهُم).
فعلينا الإيمان بكلّ تلك الأُمور الغيبيّة وإن لم نعرف تفاصيل التسبيح وحقيقته ، وكيفيّة حياة الشهداء عند ربّهم ، وكيف يردّ الله روح رسوله إليه كي يردّ سلام من سلّم عليه وأمثالها.
فهذه الأُمور يجب للمسلم الاعتقاد بها ، لأنّها من الغيب ، والمؤمن هو الّذي يؤمن بالغيب طبقا لقوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (٢) ، لكن من المؤسف أنّ أبناء وأتباع الجاهليّة الأُولى يُعارضون هذه الأُمور الغيبيّة مع وجود آيات كثيرة عليها ويريدون أن يتعاملوا معها تعاملاً حسّيّا ، فيقول أحدهم بأنّ عصاه خير من رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ والعياذ بالله ـ لأنّها تفيده ، ورسول الله ميّت ، (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبا) (٣) وخسروا خُسرانا مبينا.
________________
١ ـ النساء : ٦٤.
٢ ـ البقرة : ٣.
٣ ـ الكهف : ٥.