فصرف السوء والزحزحة عن النار ودخول الجنة فوز عظيم (فَمَن زُحْزِحَ عِنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) ، وقال سبحانه (مَن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ).
فمن المستحيل أن يستطيع الإنسان دفع أجر ما عمله الأنبياء وما تحمّلوه في إبلاغ الرسالة جميعا ، لأنّ الثمن المقدّم من قبل الإنسان للرسل يجب أن يتجانس مع المثمّن الّذي قدّمه الأنبياء لهم وهو الجنة أو الابتعاد عن النار ، ولا تجانس بين ما قدّمه الأنبياء وما يقدّمه الإنسان لهم.
ولذلك لم يأخذ الرسل أيّ نوعٍ من أنواع الأجر من الناس على عملهم ، محيلين أجرهم على الله ، فجاء على لسان نوح ، ولوط ، وشعيب ، وصالح ، وهود ، وحتّى على لسان نبينا صلوات الله عليه وآله وعليهم أجمعين قولهم (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ) (٣) لأنّ الأنبياء سعوا وبكلّ جدٍّ لتغيير الواقع الفاسد عند الاُمّة ، وإرجاعها إلى جادّة الصواب بأمرٍ من الله تعالى ، وأنَّ عملهم هذا قد رافقته مصاعب كثيرة ، لأنّ تغيير الإنسان عمّـا كان قد اعتاد عليه ثمّ صناعته من جديد ليس بالأمر السهل ، وقد ذكر الإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام عمليّة التغيير مؤكّداً صعوبتها بقوله : «رياضة الجاهل وردّ المعتاد عن عادته كالمعجز» (٤).
هذا عن عمل الأنبياء في الأمم السابقة ، وأمّا عمل رسول الله صلىاللهعليهوآله في
________________
١ ـ آل عمران : ١٨٥.
٢ ـ الأنعام : ١٦.
٣ ـ الشعراء : ١٠٩ و ١٢٧ و ١٤٥ و ١٦٤ و ١٨٠.
٤ ـ تحف العقول : ٤٨٩ ، وعنه في بحار الأنوار ٧٥ : ٣٧٤ / ٣٠.