رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ) (١).
فأجر (إبلاغ الرسالة) وإن كان هو على الله ، لكن كان على النّاس أن يُقدّروا جهود المرسلين إليهم ، لهدايتهم الناس وإخراجهم من الضلالة إلى الهدى ، وذلك من باب «من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق» ، فكان عليهم أن يقدّروا عمل الرسل باتّباع تعاليمهم ، فهو وإن كان تقديراً لله وللرسل ، لكنّ الفائدة تعود للناس قبل أن تعود للرسل ، وهو يشبه ما فعله الله بعترة النب محمّد صلىاللهعليهوآله ؛ إذ جعل مودتهم أجراً للرسالة ، فلم يقل سبحانه : إلا المودة للقرب بل قال : (إِلاّ المَوَدَةَ فِي الْقُرْبَى) وبکلامه عن أن مودة القرب تعود بالنفع عل الناس قبل أن تعود للقرب.
وإنّك ستعرف في أواخر الكتاب بأنّ نبوة النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله كانت امتداداً لدعوة أبيه إبراهيم عليهالسلام ؛ إذ قال صلىاللهعليهوآله : أنا دعوة أبي إبراهيم ، وأن هناك شبه بين اسماعيل والإمام الحسين.
فسؤالنا : لماذا لم يأمر الله أنبيائه بأخذ الأجر من أُممهم ، ولم يكلفهم بـ «قل» إلاّ للنبي محمّد صلىاللهعليهوآله الّذي قال له : (قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (٢).
فما يعني هذا الأمر؟ وما السر في هذا الاختصاص للنب محمد؟
فآية المودّة تصدرت بـ (قل) ولا نراها قد تصدرت في کلمات الرسل الآخرين في سورة الشعراء ، فما يعن قولهم : (وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ
________________
١ ـ المؤمنون : ٦٩.
٢ ـ الشورى : ٢٣.