على قلب النبيّ صلىاللهعليهوآله (١) ، كما أدخلوا الغيظ على قلب العدوّ ، فهم قدّموا أرواحهم وأبدانهم وأموالهم قربانا لكلمة الله ، وفداءً لدين الله!
وممّـا يَلفت النظر أيضا أنّ أبا عبد الله الصادق عليهالسلام قال في شأن الزوّار : «أرادوا بذلك رضوانك فكافئهم عنّا بالرضوان» ولم يقل : أرادوا جنّتك ؛ إذ الرضوان مرتبة في الجزاء الأُخرويّ أكبر من الجنّة ، فيما نصّ عليه قوله تعالى : (وَرِضْوَانٌ مِنَ الله أَكْبَرُ) (٢) ولعلّك تعرف أنّ أهل هذه المرتبة لم يعبدوا الله خوف عقابه ، كما أنّهم لم يطيعوه سبحانه رجاء ثوابه ، بل وجدوه تعالى أهلاً للعبادة فعبدوه. کما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أب طالب صلوات الله عليه.
ومحبّوا الحسين عليهالسلام على هذا المنوال ؛ فإنّهم في الأصل قد أحبّوا الحسين لأنّه أهلٌ للحبّ إلهيّا وفطريّا بغضّ النظر عن الجنّة والنّار ، وفي هذا المعنى قال الشاعر :
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة |
|
لكنَّما عيني لأجلك باكية |
بل إنّ في قوله عليهالسلام : «اللهمّ إنّ أعداءنا عابوا عليهم بخروجهم ، فلم ينههُم ذلك عن الشخوص إلينا ؛ خلافا منهم على من خالفنا» ظهورا واضحا
________________
١ ـ عن صفوان الجمّـال ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : ولو يعلم زائر الحسين عليهالسلام ما يدخل على رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ وما يصل إليه من الفرح وإلى أمير المؤمنين وإلى فاطمة والأئمّة عليهمالسلام والشّهداء منّا أهل البيت ، وما ينقلب به من دعائهم له ، وما في ذلك من الثّواب في العاجل والآجل والمذخور له عند الله ـ لأحبَّ أن يكون ما ثمّ داره ما بقي ـ الحديث. انظر كامل الزيارات : ٤٩٥ ـ ٤٩٦ ، بحار الأنوار ١٠١ : ١٤ ـ ١٥ ، مستدرك الوسائل ١٠ : ٣٤٣ ، جامع أحاديث الشيعة ١٢ : ٤٤٤.
٢ ـ توبة : ٧٢.
٣ ـ من قصيدة للشيخ عبدالحسين الاعسم (ت ١٢٤٧ هـ) يقول في مطلعها :
قد أوهنت جلدي الديار الخالية |
|
من أهلها ما للديار وما ليه |