فقال أبوبكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة.
ثمّ انتحب أبوبكر يبكي حتّى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : والله لأدعونّ عليك في كلّ صلاةًٍ أُصليّها ... فلم يُبايع عليّ كرّم الله وجهه حتّى ماتت فاطمة ، ولم تمكث بعد أبيها إلاّ خمسا وسبعين ليلة (١).
وفي صحيح البخاريّ : ماتت فاطمة وهي غاضبة على أبي بكر (٢).
إذن هما کانا عارفان بمقام السيدة فاطمة الزهراء خائفان من عذاب الله وذلك لسخطهما إياها ، فکيف بنا أن لا نعرف مقامها ومقام ولدها المعصومون.
فأسالك بالله هل يُعقل لاحد أن يقول لمن يعرف مقام فاطمة ومقام أبيها وبعلها وبنيها وما قدّموه من الغالي والنفيس في سبيل الله لا يجوز لك السلام عليها وعل أبيها وبعلها وبنيها؟!
وهل نكون من المشركين والمبدعين والخارجين عن الدين لو سلّمنا عليهم أو زرناهم وتعاهدنا قبورهم وأضرحتهم الشريفة الطاهرة؟!
إنّ السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام أرادت أن تعرّف الناس بمواقف بعلها ـ أخ رسول الله ـ وکيف بالاخرين يقدّمون من هو مؤخّر ويؤخّرون من جاهد في سبيل الله وهم في رفاهية من العيش وادعون فاکهون آمنون بقولها :
كلما أوقدوا للحرب ناراً ... قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفئ حتّى يطأَ صماخها بأخمصه ، ويخمد لهبها بسيفه ، مكدودا في ذات الله ، مجتهدا في أمر الله ، قريبا من رسول الله ، سيّدا في أولياء الله ،
________________
١ ـ الإمامة والسياسة ١ : ١٩ ـ ٢٠.
٢ ـ صحيح البخاري ٣ : ١١٢٦ / ٢٩٢٦ و ٤ : ١٥٤ / ٢٩٩٨ في شرح نهج البلاغة ٦ : ٥٠ قال ابن أبي الحديد : الصحيح عندى أنّها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر وأنّها أوصت ألا يصليا عليها.