أشقى الآخرين ، كما أن عاقر ناقة صالح (عليه السلام) كان أشقى الاولين (١) ، ودمعت عيناه لذلك.
ونحن لو قمنا بمقارنة بمن بكى عليهم النبي (صلى الله عليه وآله) لرأينا أن بكاءه (صلى الله عليه وآله) على الحسين (عليه السلام) يفوق من حيث الكم والعدد ، فلقد بكى على عمّه حمزة (عليه السلام) ، وبكى على ابن عمه جعفر (عليه السلام) ، وبكى على عمّه أبي طالب (عليه السلام) ، وبكى على زوجته خديجة (عليها السلام) وبكى على الصحابي الجليل عثمان بن مظعون ، وبكى على الصحابي العظيم سعد بن معاذ ، وعلى عدة ممن صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وأكثر بكائه من حيث الكيف كان على عمّه حمزة (عليه السلام) ، فإنه كما عن مسعود : ما رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) باكياً أشد من بكائه على حمزة. وعن جابر : أنه (صلى الله عليه وآله) لما رأى جبهة حمزة بكى ، ولما رأى ما مُثّل به شهق (٢). وبكى على زوجته خديجة الكبرى (عليها السلام) وكان كثيراً ما يذكرها حتى غارت منها عائشة.
ولكن لم يصل بكاؤه على المُنتجَبين من أهل بيته إلى مستوى البكاء والحزن على سبطه الإمام الحسين (عليه السلام) ، إذ عادة ما يكون البكاء والحزن عليهم
__________________
(١) روي ذلك بأسانيد صحيحة عن عدة من الصحابة.
(٢) المستدرك على الصحيحين ٢ / ١٣٠ ، ٣ / ٢١٩ ، الاستيعاب ١ / ٣٧٤ ، ومجمع الزوائد ٦ / ١١٨ ، وقال : رواه البزار ، وفيه عبدالله بن محمد بن عقيل وهو حسن الحديث على ضعفه.
قلت : بل لا ضعف فيه. قال الترمذي ويعقوب : صدوق. وقال العجلي تابعي جائز الحديث. وقال البخاري : كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديثه ، وهو مقارب الحديث. وقال العقيلي : كان فاضلاً خيّراً موصوفاً بالعبادة. وقال الساجي : كان من أهل الصدق. وقال ابن عبدالبر : هو أوثق من كل من تكلم فيه. وعن ابن بشر : خيّر فاضل عابد. وقال أحمد شاكر في حاشيته على مسند الإمام أحمد ج١ ، الرقم ٦ : ثقة لا حجة لمن تكلم فيه. راجع تهذيب التهذيب ٦ / ٣. تهذيب الكمال : ٦ / ٥٤.