من قِبَل الرسول (صلى الله عليه وآله) حين وفاتهم وشهادتهم ، وهذا بخلاف ما جرى مع الإمام الحسين (عليه السلام) فإن بكاء الرسول الإعظم (صلى الله عليه وآله) قبل استشهاده وبعده ، مما يجعل لشهادته (عليه السلام) خاصية تفوق غيره من الشهداء والصالحين ، ويكشف هذا الأمر أن قضية الحسين (عليه السلام) ومقتله على درجة من الأهمية في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله).
أضف إلى ذلك : أن ثمّة اهتمام من قبل الوحي بتذكير الرسول الإكرم (صلى الله عليه وآله) بمقتل الحسين ، ومن ثمّ بكاؤه (صلى الله عليه وآله) تعداداً ومراراً ، ولعلّ من غايات تعداد تذكير الرسول (صلى الله عليه وآله) بمصيبة ولده الحسين والبكاء عليه مراراً حتى لا يتسنى لأحد من الأُمة أن ينفي خصوصية واستحباب البكاء والحزن على الحسين وإقامة المأتم عليه.
فهو (صلى الله عليه وآله) بعد أن أتعب نفسه الزكية ، وبيَّن سنته بقوله وفعله فيما يخص البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) والحزن عليه ، مع ذلك نجد العقائر والحناجر ترتفع بأن : لا خصوصية للبكاء على الحسين عن غيره من الصحابة ، وأن خروج الحسين (عليه السلام) استلزم منه الفساد الكبير والشر العظيم! وأن الحسين (عليه السلام) خرج عن حده فقتل بسيف جده! وأن لا نقبل جعل شهر محرم الحرام شهر أحزان! وأن وأن وأن ...!! فتركوا سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وشنّوا الغارة على من التزم بها تحت شعار البدعة والغلو في الحسين وآل الحسين (عليهم السلام) (١).
كما ويستفاد أيضا من هذه الروايات المتواترة اهتمام بالغ من قبل السماء بتربة كربلاء ، ففي كل موقف يبكي فيه الرسول (صلى الله عليه وآله) على الحسين يأتي جبرئيل أو غيره من الملائكة المقربين بقبضة من تراب كربلاء ، فيشمّها الرسول
__________________
(١) فقبل أن يتهموا الطرف الآخر المغالاة في الدين فلابدّ من أن يتهموا أنفسهم أولاً التقصير في فهم الدين ، كما نطقت به السنّة النبوية الشريفة.