وليست مصيبة الحسين (عليه السلام) والاهتمام بتربته قضيّة عاطفية من قبل الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إزاء ولده الحسين (عليه السلام) ، وإنما القضية قبل ذلك وحي وإيحاء واهتمام السماء والأمين جبرئيل (عليه السلام) بالبكاء على الحسين وبتربته المقدسة ، قال تعالى : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ). وقال : (إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى).
فالاهتمام المتكرر بهذه التربة من قبل السماء ، والشمّ المستمر لها من قبل النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) وصحابته الكرام ، حتى لا يأتي ـ دكتور أو شيخ ـ ويدعي عدم الخصوصية لهذه التربة أو للبكاء والحزن على الحسين ويقول : (ولكن لا نقبل أن نجعل شهر محرم شهر أحزان). إذ السؤال لِمَ لم تذكر التربة التي قُتل فيها جعفر الطيار (عليه السلام) بشكل مستمر ومتكرر؟! وكذلك لِمَ لم تذكر تربة سيد الشهداء حمزة (عليه السلام)؟! وهذا لا يعني أن تربة حمزة وجعفر (عليهما السلام) لا خصوصية لهما ، لهما الخصوصية لكن تربة أبي عبدالله الحسين لها النصيب الأكبر من الاهتمام والعناية من قبل السماء لها ، والروايات المتقدمة تنادي بصوت عال ، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، ولكن (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ)!!!
فتربة يحملها جبريل |
|
من حقها التبجيل والتفضيل |
فللبكاء على الحسين (عليه السلام) خصوصية ، ولتربته المقدسة خصوصية أيضاً.
ومن هنا يعلم أن خروجه (عليه السلام) إلى كربلاء كان بتخطيط من جده (صلى الله عليه وآله) ، كما كانت حروب أبيه (عليه السلام) الثلاثة (١) بتخطيط
__________________
(١) حرب الجمل وصفين والنهروان ، أي قتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
وحديث (أمر علياً بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين) رواه البزار في مسنده ٢ / ٢٧ ، وأبو يعلى في المسند ٣ / ١٩٤ ، والطبراني في المعجم الكبير / الرقم ٤٠٤٩ ، ١٠٠٥٣ ، ١٠٠٥٤ ، والحاكم