حُرمه ، زاعمين أنَّها هي الضربة القاضية ، فلن ترى بعدئذٍ مِن باقية.
ظنَّ ذلك القوم ، وأيَّدتهم كلُّ شواهد الأحوال يومئذٍ ، حتَّى دفن ابن سعد جميع قتلى جُنده ، في يومه وغده ، ودفن معهم كلَّ خَشيةٍ أو خَيبةٍ ، كانت تجول في واهمته ، ورَحَلَ عن كربلاء برَحْل الحسين (عليه السّلام) ، وأهله ، والرؤوس إلى ابن زياد الجَور ، وترك أشلاء حامية الحَقِّ ، وداعية العَدل ، جَرداء في العَراء ، بين لَهيب الشمس والرمضاء ، وعُرضةً للنسور والعقبان.
ومِمَّا يُثير الشجون والأحزان ، أنَّ علي الإيمان (عليه السّلام) ، حارب البُغاة مِن أقطاب الحركة الأُمويَّة في صِفِّين والجَمل ، وبعد قتلهم أجرى عليهم سُنَن التجهيز والدفن ، مُراعياً حُرمة الإسلام وحِشمَة الشهادتين.
أمَّا المُنتقمون مِن حسين الحَقِّ وصَحبه ، فلم يَحترموا فيه أيَّ شِعار ديني ، أو أدب قومي ، قَنعوا منهم بدمائهم عن التغسيل ، وبالتُّرب عن التحنيط ، وبنسج الرياح عن التجهيز.
وليتَ شعري ، ماذا يصنع أولياء الحَقِّ بصَلاة أولياء الشيطان؟! وحَسْبُهم منهم أنْ صَلَّت على جُسومهم سيوفهم ، وشيَّعت أجسادهم نِبالهم ، وألحدت أشلاءهم العَوادي والعاديات ، عليهم وإليهم صلوات الله والصالحين ، ودعوات طُلاَّب العَدل وعُشَّاق الحَقِّ ما لاحت الأصباح ، وروَّحت الرياح.
هذا ، وما عتَّمت عشيَّة الثاني عشر مِن مُحرَّم ، إلاّ وعادت إلى أرياف كربلاء عشائرها ، الضاعنة عنها بمُناسبة القتال ، وقُطَّان نينوى والغاضريَّات مِن بَني أسد ، وفيهم كثير مِن أولياء الحسين (عليه