حيَّاً ، وتتبَّعوا قَتَلَة الحسين (عليه السّلام) ومُحاربيه ، في كلِّ دَيْر ودار ، وقتلوهم تحت كلِّ حَجر ومَدر ، وأصلوهم الحَميم والجَحيم ، واستجاب الله دعوة الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء ؛ إذ قال : «وسَلِّط عليهم غُلام ثَقيف ، يَسقيهم كأساً مُصبَّرة» إلى آخره.
ولم تَزل عليهم ثائرةٌ أثر ثائرة ، ونَائرة حرب تِلو نائرة ، حتَّى أذِن الله سبحانه بزوال مُلك أُميَّة ، وسقوط دولة بَني مروان ، على يدي السفَّاح الهاشمي العبَّاسي ، أحمد وأخيه محمّد ابني عبد الله ، والقائد الباسل أبي مُسلم الخُراساني ، وثِلَّة مِن فُحولة هاشم ؛ فثَلَّت عُروش تلك الدولة الجائرة ، ودَكَّت أركان حكومتها الغَدَّارة ، واستأصلوا شأفتهم ، وأبادوهم رِجالاً ونِساءً ، حتَّى لم يَبقَ منهم آخذ ثارٍ ، ولا نافخ نارٍ ، وأحرقوا مِن آثارهم حتَّى الرَّميم المَنبوش ، ولُعنوا حيثما ذكروا ، وقُتِّلوا أينَما ثُقِّفوا ؛ فتَجِد حتَّى اليوم قبر يزيد الجَور في عاصمة مُلكِه ، كومَة أحجار ، ومَسبَّة المارَّة ، لا يُذكَر في شرق الأرض وغربها ، إلاَّ بكلِّ خِزيٍ وعار ، هذه عاقبة الجائِر الفاجِر ، وتلك عُقبى المُجاهد الناصح.
(إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)