على الزعيم أمر نَظمه وحُكمه. غير أنَّ حسيناً دخل خِبآءً ، وطلب طفلة مسلم ، وأجلسها في حِجرة يَمسح على رأسها بيده ، يُسلِّي بها نفسه ، ويُسلِّيها بذلك.
نعمْ ، حسّ الجميع ـ وفي مُقدِّمتهم الحسين (عليه السّلام) ـ بالانكسار النهائي ، بعدما جرى على مسلم ، وتبدُّل حالة الكوفة ، وكانت هي المَطمع الوحيد لصَحب الحسين (عليه السلام) ، والمَلجأ الحصين لرحله وأهله ، فإذا كانت آمال الحسين (عليه السّلام) معقودة على الكوفة ، وقد انقلبت هي عليه ، وقتلت مُعتمده ، فما معنى التوجُّه إليها؟ ، وأيُّ اعتمادٍ بقي عليها؟
لكنَّ ثَبات الحسين (عليه السّلام) على سيرته ومَسراه ، ضرب على هذه الأوهام ، وصانها مِن التفرُّق ، وشِبل عليٍّ (عليه السّلام) يرى في توجُّهه إلى الكوفة بعد كلِّ ذلك ، إبلاغ الحُجَّة ، والإعلام بأنَّه أجاب دعوتهم ، ولبَّى صرختهم ، وأنَّه لم ينحرف عن نُصرتهم ، حتَّى بعد انحرافهم عن نُصرته ، وقتلهم مبعوثه مع شيعته ؛ فإنَّ الإمام يُعامل المِلَّة دون الأشخاص والشخصيَّات ، وهو يأمل مع ذلك في مَسلكه التحاق الأنصار ، وتلبية الأمصار ، وانقلاب حالة الكوفة كَرَّة أُخرى.
ولمَّا شاع نَعي مسلم في رَكب الحسين (عليه السّلام) ، وانقلاب الكوفة ضِدَّه ، بعد أنْ كانت المَطمع الوحيد لتحقيق آمال أهله وصَحبه ، صار كثير مِن ذوي الطمع ، وذباب المُجتمع يتفرَّقون عنه سِرّاً وجِهاراً ، ليلاً ونهاراً ، وسلَّموا وليَّ نِعمتهم حين الوثبة ، وخذلوه عند النَّكبة ، بعدما كانوا يُضيِّقون فسيح خوانه ، حتَّى على إخوانه.
لا ضَيَرَ ، فإنْ خَفَّ رحل الحسين (عليه السّلام) مِن القَشِّ وذوي