الحركة الحسينيَّة ؛ ليتسنَّى لواليها حُرّية الإدارة والإرادة ، مِن مُزاحمٍ مِثل الحسين (عليه السّلام) ؛ لذلك أقنع ابن زياد عمراً ، بأخذ التدابير اللازمة لإخضاع حسين الشرف (عليه السّلام) ، قبل التوجُّه إلى مُهمَّته الأصليَّة في إيران.
نعمْ ، وجد ابن زياد عمراً أصلح الناس ، لإخضاع الحسين (عليه السّلام) سواء بغرض الإخضاع ، أم الإقناع ؛ إذ كان يومئذٍ أمسَّ الكوفييِّن رَحماً بالحسين (عليه السّلام) ، وعليه مَسحة شرف مِن قريش ، ونسبة إلى الحَرمين ؛ فسرَّحه لمُقابلة الإمام خِداعاً وإطماعاً (وأكثر مَصارع العقول تحت بروق المَطامع).
أمّا ابن سعد ، فقد استمهل ابن زياد ليلته ؛ ليُفكِّر مُستعظِماً إقدامه إلى مُقابلة الحسين (عليه السّلام) ؛ لعلمه أنَّ الحسين (عليه السّلام) داعية حَقٍّ ، وأنَّه كأبيه علي (عليه السّلام) أفضل مِن أنْ يُخدَع ، وأعقل مِن أنْ يَنخدع ، ولا يسع ابن سعد إذا قابله أنْ يُقاتله ، بلْ يَقضي عليه واجبه الديني والرحمي أنْ يَنضمَّ إليه ، ويُقاتل خصومه بين يديه ، غير إنَّ له في مُلك الري قُرَّة عين ، وبَهجة نفس ، وراحة عائلة ، وتأمين مُستقبَل مَديد ؛ فبات ليلته قَلقاً أرقاً بين جاذب ودافع ، يُجيل فكرته بين المَضارِّ والمَنافع ، ويُردِّد أبياته المعروفة :
فو الله ما أدري وإنِّي لحائر |
|
أُفكِّر في أمري على خَطرين |
أأترك مُلك الرَّيِّ والرَّيُّ مُنيتي |
|
أمْ أرجِع مأثومَاً بقتل حسين |
إلى آخره.
وكأنَّ خاطره الأخير حدَّثه بأنَّه إنْ ظَهر على الحسين