قال جُعيد الهمدانيّ : أتيتُ الحسين بن عليّ وعلى صَدْره سكينة ابنتهُ ، فقال : «يا أُخْتَ كلب ، خذي ابنتك عنّي».
فساءلني ، فقال : «أخبرني عن شباب العرب؟».
قلتُ : أصحاب جُلاهقات ومجالس!
قال (عليه السّلام) : «فأخبرني عن الموالي؟»
قلتُ : آكل رِبا ، أو حريص على الدنيا!
قال (عليه السّلام) : (إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) والله ، إنّهما لَلصِّنفان اللذانِ كنّا نتحدّثُ أنّ الله تبارك وتعالى ينتصرُ بهما لدينه.
يا جُعيد همدان : الناس أربعة :
فمنهم من له خَلاقٌ وليس له خُلُق.
ومنهم من له خُلقٌ وليس له خَلاق.
ومنهم من ليس له خُلُق ولا خلاق ، فذاك أشرّ الناس ومنهم من له خُلُق وخلاق ، فذاك أفضل الناس» (١).
وهذا الحديث يدلّ على مراقبة دقيقة من الحسين (عليه السّلام) لمجتمع عصره :
فقوله : «كُنّا نتحدّث» يدلّ بوضوح على تداول الأمر والتدبير الحكيم والمشورة المستمرة من الإمام (عليه السّلام) ومَن كان معه حول السُبل الكفيلة لنصرة الدين
____________________
(١) تاريخ دمشق ـ ترجمة الإمام الحسن (عليه السّلام) ص ١٥٩ رقم (٢٧٢) ، وقد رواه عن الإمام الحسن (عليه السّلام) ، لكنّ ابن سعد أخرجه عن الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وكذلك المتّقي الهندي كما في هامش الموضع المذكور ، وجعيد يروي عن الإمامين ، لكن ذكر سكينة يُعيّن كون الحديث للحسين (عليه السّلام).