لكنّ سَرَقة الحضارة ، وخَوَنة التاريخ حاولوا جهد إمكانهم أن يختصروا ما في هذا الكتاب ، وأن لا يُوردوا إلاّ جزءاً منه.
فلذلك نجد رواية ابن عساكر تقتصر على قوله :
[ص١٩٨] فكتب إليه الحسين : «أتاني كتابك ، وإنّي بغير الذي بلغك عنّي جدير ، والحسنات لا يهدي لها إلاّ الله ، وما أردت لك محاربة ولا عليك خلافاً ، وما أظنّ لي عند الله عذراً في ترك جهادك ، وما أعلم فتنةً أعظم من ولايتك أمر هذه الاُمّة» (١).
وينقطع الحديث عند ابن عساكر ، بينما الكتاب يحتوي على فقرات هامّة لا تفي بالغرض منها هذه القطعة القصيرة.
ولوضع هذه القطعة في إطارها المناسب رأينا إيراد الجواب كاملاً نقلاً عمّا أورده المؤرّخ القديم البلاذري في أنساب الأشراف (٢) قال : فكتب إليه الحسين (عليه السّلام) : «أمّا بعد ، فقد بلغني كتابك تذكر أنّه بلغك عنّي أُمور ترغب عنها ، فإن كانت حقّاً لم تقارّني عليها».
____________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٣٧.
(٢) لقد نقل المحمودي نصّ الجواب الكامل عن أنساب الأشراف في ترجمة معاوية ، وذكر من مصادره مجموعة كبيرة من أُمّهات كتب التاريخ والحديث ، منها : الأخبار الطوال للدينوري ص ٢٢٤ والإمامة والسياسة لابن قتيبة ص ١٣١ ورجال الكشي (ترجمة عمرو بن الحمق) والاحتجاج للطبرسي ص ٢٩٧ غير من روى قطعاً منه ، فراجع هامش تاريخ دمشق ـ ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) ص ١٩٨ وهامش أنساب الأشراف ـ ترجمته (عليه السّلام) ٣ / ١٥٣ من تحقيقات العلاّمة المحمودي أدام الله بقاءه.