ثم «يزيد» بالذات لم يكن موقعاً للأهليّة لمثل هذا المنصب الحسّاس ، بل كان معروفاً بالشرب واللعب والفجور بشكل مكشوف للعامة.
وكانت هذه المفارقات ممّا يُساعد الإمام الحسين (عليه السّلام) على اتّخاذ موقف مبدئي جعله هو المنطلق للتحرّك كما تناقله الرواة ، فقالوا :
[ص١٩٧] : لمّا بايع معاوية بن ابي سُفيان الناسَ ليزيد بن معاوية كان حسين بن عليّ بن أبي طالب ممّن لم يبايع له (١).
وبالرغم من وضوح أهداف الإمام لمعاوية ، وحتّى لمروان والّذين يحتوشونه ، حتّى إنّهم أعلنوا عن تخوّفاتهم وظنونهم بأنّ الإمام (عليه السّلام) يفكّر في حركة يسمّونها «نزوة» أو «مرصداً للفتنة» وما إلى ذلك ، لكنّهم لم يُقْدموا على أمر ضدّه ، ولعلّ معاوية كان يُحاول أن يقضي عليه بطريقته الخاصّة في الكيد والمكر ، إلاّ أنّ سرعة الأحداث ومجيء الأجل لم تمهله لذلك.
فكانت مواجهة الحسين (عليه السّلام) وصدّه من آخر وصايا معاوية لابنه يزيد ، كما كانت هي من أُولى اهتمامات يزيد نفسه ، ففي التاريخ :
[٢٥٥ ص١٩٩] : توفّي معاوية ليلة النصف من رجب سنة ستّين ، وبايع الناس ليزيد فكتب يزيد مع عبد الله بن عمرو بن أُويس العامري إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ـ وهو على المدينة ـ : أن ادعُ الناسَ فبايعهم ، وابدأ بوجوه قريش ، وليكن أوّل من تبدأ به الحسين بن عليّ بن أبي
____________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٣٦.