وتفاؤلاً أن يخلفاهما في النضال والهمّة والمجد ، فإنّ الوحي الذي لا ينطق الرسول إلاّ عنه قد حكم لهما باسمين آخرين ، وأمَرَ الوحيُ الرسول الكريم (صلّى الله عليه وآله) أن يُبلِّغَ هذا الحكم ، فلم يجد من عليٍّ غير التسليم لأمر السماء.
والاسمان السماويّان هما :
«الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنّة ، لم يكونا في الجاهليّة» (١).
ويؤكّد الرسولُ (صلّى الله عليه وآله) على هذه التسمية فيُعْلِنُ عن أسباب اختيارها فيما رواه سلمان ، قال :
[٢٢] قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : «سمّى هارون ابنيه شَبَراً وشُبَيْراً وإنّي سَمَّيتُ ابنَيَّ الحسنَ والحُسَيْنَ بما سمّى به ابنيه شَبَراً وشُبَيْراً».
إنّ الرسولَ (صلّى الله عليه وآله) إذْ يعلّل تسمية الحسن والحسين (عليهما السّلام) بما فعل هارون يذكّر بما لاسم هارون من ربط بشأن أبي الحسن والحسين ، وما جاء عن الرسول من حديث «المنزلة» حين أعلن فيه النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بقوله : «عليٌّ منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ بعدي» الذي خرّجه بعض الحّفَاظ بـ «٥٠٠» إسناد ، وعُدّ في المتواتر (٢).
فإذا كان عليّ (عليه السّلام) بمنزلة هارون في الخلافة والوزارة ، فليكن اسما ابنيه كاسمي ابني هارون ؛ ليدلاّ على التنزيل منزلته في جميع الشؤون بلا استثناء
____________________
(١) تاريخ دمشق ـ ترجمة الإمام الحسن (عليه السّلام) ص ١٧ رقم (٢٢).
(٢) انظر الحديث بطرق ابن عساكر في تاريخ دمشق ـ ترجمة الإمام عليّ (عليه السّلام) الأحاديث المرقّمة (٣٣٦ ـ ٤٥٦) ١ ص ٣٠٦ ـ ٣٩٤ وما علّق عليه محقّقه المحمودي.