لكنّ يداً آثمة امتدّتْ إلى هذا الكتاب العظيم لتفرغه من ذكر أحداث «يوم عاشوراء» إذْ ليس في ذكر تلك الأحداث إلاّ ما يَكشف عن مدى الألم والظلم والاعتداء الذي جرى على أهل البيت ، ممّا لا يمكن إنكارهُ ولا دفعُه ولا توجيهُه ولا تفسيرهُ إلاّ على أساس ما قُلنا!
وتلك اليد الآثمة الخائنة للعلم والتراث تريد أن تبرّئ ساحة بني أُميّة ـ أسلافها ـ من الجرائم المرتكبة يومذاك ، تلك الجرائم السوداء البشعة التي لم يغسل عارَها مرورُ الأيّام ولا ينمحي بحذف هذه الأحاديث من هذه النسخة أو تلك.
ولئن امتدّت يدُ الخيانة إلى تاريخ ابن عساكر فحذفتْ منه حوادث يوم عاشوراء ، فإنّ مؤرّخي الإسلام ومؤلّفي المسلمين قد أفعموا كتب التاريخ بذكر تلك الحوادث ، وجاء ذكر ذلك في العديد من الكتب التاريخية واُلّف لذلك خاصةً ما يسمّى بكتب «المقاتل».
ولعلّ نسخةً من أصل تاريخ ابن عساكر توجدُ هنا أو هناك فيعرفها مطّلعٌ ، أو يطّلع عليها منصِفٌ فيُخرجها إلى النور ، فيَبْهَتُ الخائنون الّذين ظلموا الإسلام ، وظلموا آل محمّد ، وظلموا التاريخ ، وظلموا التراث ، وظلموا المسلمين بالتعتيم عليهم وكتمان ما جرى على أرض الواقع عنهم.
كما فعلوا مثل هذا الحذف والتحريف في كثير من كتب التراث والحديث والدين ، فأبادوها بالدفن والإماثة بالماء ، والإحراق (١).
ولكنّ الحقائق وإنْ خالوها تخفى على الناس فإنّها لا بُدّ وأن تُعْلَم مهما طال الزمن (٢).
____________________
(١) اقرأ عن ذلك : «تدوين السنة الشريفة» للمؤلّف.
(٢) مثل الطبقات الكبرى لابن سعد كاتب الواقدي ، فإنّه ذكر في ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام)