وذكر البلاء والفناء والبلى واضمحلال نعيمها واكفهرار سرورها لعلّ كلماته تبلغ مسامعَ أهل الكوفة فتندكّ بها ، فيرعوون عمّا هم عليه مقدمون!
ولّما لم يجدْ منهم اُذناً صاغية ، وكان صباح «عاشوراء» توجّه بهذا الدعاء
[٢٧٠] : لمّا صبّحت الخيلُ الحسينَ بن عليّ (عليه السّلام) رفع يديه فقال :
«اللّهُمَّ أنت ثقتي في كلّ كَرْب ، ورجائي في كلّ شدّة ، وأنتَ لي في كلّ أمر نَزَلَ بي ثقةٌ وعُدّةٌ ، فكمْ من هَمّ يضعفُ فيه الفؤادُ ، وتقلّ فيه الحيلةُ ، ويخذل فيه الصديقُ ، ويشمتُ فيه العدوُّ ، فأنزلتُه بك وشكوتُه إليك رغبةً فيه إليك عمّن سواك ، ففرّجْتَهُ وكشَفْتَهُ وكفيتَنيه. فأنت وليُّ كلّ نعمة ، وصاحبُ كلِّ حسنة ، ومنتهى كلِّ غاية» (١).
وفي هذا الدعاء توجيه للسامعين إلى الله ، وإيحاء بالثقة والرجاء والأمل والفرج والكشف والكفاية.
وتحديد للعدوّ والصديق ، وتذكير بالنعمة والحسنة والغاية ، التي هي لقاء الله.
أمّا إذا لم ينفع التذكيرُ ، ولم ينجع النصحُ لقوم غفلوا عن الله ، وهم عُميٌ صُمٌ بُكمٌ ، لا يفقهون حديثاً ، ولا يعون شيئاً.
فإنّ الإمام (عليه السّلام) لمّا وَجَدَ نفسه مُحاطاً بالأعداء ، ووجدهم مصمّمين على تنفيذ الجريمة العُظمى لا يرعوون ، كاشفهم بكلّ الظواهر والبواطن
____________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٤٦.