بيده القوّة ـ حبّاً للحياة الدنيا ـ مهما كان الحاكم في شخصه وفعله ، وتصرّفه وقوله وفكره : شناعةً وقباحةً ، وفساداً وجوراً ، وخِسّةً ووحشيّةً.
وفي كلّ هذا ردّ كاف على الرأي القائل بأنّ للأُمّة «عِصْمةً» في تعيين مصير السياسة المهمّة التي تتعلّق بدين الناس ودنياهم ، وتبنى عليها الأعراض والأموال والنفوس!
فقد كشف الإمامُ الحسين (عليه السّلام) بخطاباته ، ومواقفه ، وبشهادته أنّ الأُمّة المسلمة إذا كانت بعد مضيّ خمسين عاماً لم تعِ ولم تدرك ما عرض عليها من الحقائق الواضحة ، وقد أوغلوا في الجهل إلى حدّ الإقدام على قتل سبط نبيّهم! وأسر بناته وأهله!
إذا بلغَ وَعْيُ الأُمّة بعد خمسين سنة من حكم الخلفاء باسم الإسلام إلى هذا الحدّ المتردّي من الجهل والتدني والانحطاط والوحشيّة الذي هو عين «اللاوعي» بالرغم من تكاثف الأعوام وتكرّر المفاهيم التي جاء بها الإسلام بقرآنه وسُنّته ، وسيرة أصحابه ، أمام مرأى الأُمّة ومسامعها!
فكيف بهذه الأُمّة قبل خمسين عاماً ، وفي السنة التي توفّي فيها نبيّهم (صلّى الله عليه وآله) حين يُدّعى أنّها أجمعتْ ـ لو تمّ ثمّ الإجماعُ ـ على تنصيب خليفة لأنفسهم ، يقوم مقام الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، ذلك المقام الجليل المقدّس والمهمّ؟!
فإذا كانت الأُمّة في عصر الحسين (عليه السّلام) لم تبلغ الرشد في عامها الخمسين أن تعي من أمر الخليفة والولاة ، يزيد وابن زياد ، ما يبعثها على رفضهما ، والابتعاد عن خطّتهما ، أو الانعزال والتبرّؤ من أعمالهما ، بل بلغ بها الجهلُ والغيُّ أن أطاعتهما إلى حدّ الإقدام على قتل سيّد شباب أهل الجنّة ، سبط