ولقد كان القتلُ للأنبياء والأئمّة (عليهم السّلام) عادةً ، وكرامتهم من الله الشهادة ، وإنّما بَرز الّذين كُتب عليهم القتلُ إلى مضاجعهم ، ليثبتوا أنّهم أوفياء لوعد ربّهم ، ولدينهم وأهدافهم. فكذلك كان الانتقام للدماء الزاكية سُنّةً إلهيةً جاريةً.
وقد ذكّر الله تعالى نبيَّه بذلك كما في الحديث
[٢٨٦] : أوحى الله تعالى إلى محمّد (صلّى الله عليه وآله) (أنّي قد قتلت بيحيى بن زكريّا سبعين ألفاً ، وأنا قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً) (١).
وأمّا آحاد الحُثالات التي تكدّست في كربلاء ، وارتكبتْ جريمة عاشوراء ، فهم أحقر من أن يُذكروا ويُذكر ما جرى عليهم ، فكفاهم ذلاً وخزياً ، وعاراً وشناراً ما أقدموا عليه من قتل ابن بنت رسول الله والكوكبة الأخيار من آله ، والهالة المشعّة من الصالحين حوله.
مع أنّ التاريخ لم يغفل ما جرى على كلّ واحد منهم من الانتقام الإلهيّ في هذه الدنيا على يَدِ الأخيار من أنصار الحقّ الّذين «اختارهم» الله لهذه المهمة العظيمة لتكون عبرة لمن اعتبر ، ولمن يعتبر على طول التاريخ من الظَلمة ، ليعلموا أنّ الله لهم بالمرصاد ، وليأتينّهم موعدهم ولو بعد حين.
____________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ـ لابن منظور ٧ / ١٤٩.