رسالتُه ، ورسالتُه هي حياته.
ومن الواضح أنّ أيّ والد إنّما يسعى في الحياة ليكون له ولد كي يخلفَه ويحافظ على وجوده ليكون استمراراً له.
فهو يدافع عنه حتّى الموت ويحرصُ على سلامته وراحته ، لأنّه يعتبره وجوداً آخر لنفسه.
إذا كانت هذه رابطة الوالد والولد في الحياة المادّية ، فإنّ الحسين (عليه السّلام) قد سعى من أجل إحياء الرسالة المحمديّة بأكبر من ذلك ، وأعطاها أكثر ممّا يُعطي والدٌ ولَده ، بل قدّم الحسينُ في سبيل الحفاظ على الرسالة كلّ ما يملك من غال حتّى فلذات أكباده : أولاده الصغار والكبار ، وروّى جذورها بدمه ودمائهم.
فقد قدّم الحسين (عليه السّلام) للرسالة أكثر ممّا يقدّم الوالدُ لولده ، فهيَ إذن أعزّ من ولده ، فلا غروَ أن تكون هي «مِنهُ».
وقد ثبتَ للجميع ـ بعد كربلاء ـ أنّ الرسالة التي كانت محمّدية الوجود ، إنّما صارت حُسينيّة البقاء.
فالرسالة المحمّديّة التي مثّلتْ وجودَ الرسول (صلّى الله عليه وآله) كانت في العصر الذي كادتْ الأيدي الأُمويّة الأثيمة أن تقضيَ على وجودها قد عادتْ «من الحسين» ولذلك قال (صلّى الله عليه وآله) : «... وأنا من حسين».
ولم تقف تصريحاتُ الرسول (صلّى الله عليه وآله) في الحسين عند هذا الحدّ ، بل هناك نصوص أُخر تكشف أبعاداً عميقةً في العلاقة بين الحسين وجدّه ، وتبتني على أُسس ثابتة للاهتمام البالغ من الرسول (صلّى الله عليه وآله) بسبطيه الحسن والحسين (عليهما السّلام).
فممّا قال فيهما :