وقد صنّفوا على ذلك الأحاديث وجمعوا المؤلّفات ، مُحاولين إظهار أنّهم المحبّون لآل محمّد ، مُتناسين ومتغافلين أنّ «الحبّ» الذي يؤكّد عليه الرسولُ (صلّى الله عليه وآله) لنفسه ولآله (عليهم السّلام) ليس هو لفظ «الحبّ» ولا «الحبّ العشقيّ» الفارغ من كلّ معاني الولاء العمليّ والاقتداء والاتّباع والتأسّي ، ورفض المخالفة ونبذ المخالفين.
فلو أظهر أحدٌ الحبَّ لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولم يعمل بشريعته وخالف الأحكام التي جاء بها ، ولم يتعبّد بولايته وقيادته وسيادته ، ولم يلتزم بنبوّته ورسالته! لم يكن «مُحبّاً» له (صلّى الله عليه وآله).
فكيف يكون محبّاً لآل محمّد (عليهم السّلام) مَنْ لم يُتابعهم في فقههم ، ولم يأخذ الشريعة منهم ، ولم يقرّ بإمامتهم ، ولم يعترف بولايتهم ، ولم يُسند إليهم شيئاً من أُمور دينه ولا دنياه؟!
إنّها إحدى الكُبَر.
فضلاً عمّن واجَهَ آل محمّد (صلّى الله عليه وآله) بالقتْل واللعن والتشريد ، فهل يحقّ لمثلهم أنْ يدّعوا حبّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) واتّباعه وهو الذي يقول : «ومَن أبغضهم أبغضني»؟! فكيف بمَن قتلهم ولعنهم على المنابر؟! وسبى نساءهم وأولادهم في البلاد؟!
وإنّ من التغابي أنْ يرتديَ في عصرنا الحاضر بعضُ السلفييّن تلك العباءة المتهرّئة ، عباءة التحريف للحقائق ، فيُنادي : «علّمو أولادكم حُبّ الرسول وآل الرسول» ويطبع كتاباً بهذا الاسم!
مُتجاهلاً معنى حُبّ الحسين (عليه السّلام) ـ مثلاً ـ وقد مضى على استشهاده أكثر من ألف وثلاثمئة وخمسين عاماً! وكيف يكون «الحبّ» للأموات؟!